nindex.php?page=treesubj&link=10789_10790_28723_33317_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم nindex.php?page=treesubj&link=10355_19513_28270_28640_28723_29694_32360_7447_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم [ ص: 1165 ] (32) يأمر تعالى الأولياء والأسياد بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى، وهم: من لا أزواج لهم من رجال ونساء ثيب وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم أن يزوج من يحتاج للزواج، ممن تجب نفقته عليه، وإذا كانوا مأمورين بإنكاح من تحت أيديهم كان أمرهم بالنكاح بأنفسهم من باب أولى.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32والصالحين من عبادكم وإمائكم يحتمل أن المراد بالصالحين صلاح الدين، وأن الصالح من العبيد والإماء - وهو الذي لا يكون فاجرا زانيا - مأمور سيده بإنكاحه؛ جزاء له على صلاحه، وترغيبا له فيه؛ ولأن الفاسد بالزنا منهي عن تزوجه، فيكون مؤيدا للمذكور في أول السورة، أن
nindex.php?page=treesubj&link=10795نكاح الزاني والزانية محرم حتى يتوب، ويكون التخصيص بالصلاح في العبيد والإماء دون الأحرار؛ لكثرة وجود ذلك في العبيد عادة. ويحتمل أن المراد بالصالحين الصالحون للتزوج المحتاجون إليه من العبيد والإماء، يؤيد هذا المعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=24383السيد غير مأمور بتزويج مملوكه قبل حاجته إلى الزواج. ولا يبعد إرادة المعنيين كليهما، والله أعلم.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إن يكونوا فقراء أي: الأزواج والمتزوجين
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32يغنهم الله من فضله فلا يمنعكم ما تتوهمون من أنه إذا تزوج افتقر بسبب كثرة العائلة ونحوه. وفيه حث على التزوج، ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32والله واسع كثير الخير عظيم الفضل
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32عليم بمن يستحق فضله الديني والدنيوي أو أحدهما ممن لا يستحق، فيعطي كلا ما علمه واقتضاه حكمه.
(33)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=684748 "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الذين لا يجدون نكاحا أي: لا يقدرون نكاحا، إما لفقرهم أو فقر أوليائهم وأسيادهم، أو امتناعهم من تزويجهم، وليس لهم قدرة على إجبارهم على ذلك، وهذا التقدير أحسن من تقدير من قدر: "لا يجدون مهر نكاح" وجعلوا المضاف إليه
[ ص: 1166 ] نائبا مناب المضاف، فإن في ذلك محذورين: أحدهما: الحذف في الكلام، والأصل عدم الحذف.
والثاني: كون المعنى قاصرا على من له حالان، حالة غنى بماله، وحالة عدم، فيخرج العبيد والإماء ومن إنكاحه على وليه، كما ذكرنا،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حتى يغنيهم الله من فضله وعد للمستعفف أن الله سيغنيه وييسر له أمره، وأمر له بانتظار الفرج؛ لئلا يشق عليه ما هو فيه.
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا أي: من ابتغى وطلب منكم الكتابة، وأن يشتري نفسه من عبيد وإماء، فأجيبوه إلى ما طلب، وكاتبوه،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم أي: في الطالبين للكتابة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33خيرا أي: قدرة على التكسب، وصلاحا في دينه؛ لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين: مصلحة العتق والحرية، ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه. وربما جد واجتهد وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رقه، فلا يكون ضرر على السيد في كتابته، مع حصول عظيم المنفعة للعبد، فلذلك أمر الله بالكتابة على هذا الوجه أمر إيجاب، كما هو الظاهر، أو أمر استحباب على القول الآخر، وأمر بمعاونتهم على كتابتهم؛ لكونهم محتاجين لذلك، بسبب أنهم لا مال لهم، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وآتوهم من مال الله الذي آتاكم يدخل في ذلك أمر سيده الذي كاتبه أن يعطيه من كتابته أو يسقط عنه منها، وأمر الناس بمعونتهم، ولهذا جعل الله للمكاتبين قسطا من الزكاة، ورغب في إعطائه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33من مال الله الذي آتاكم أي: فكما أن المال مال الله - وإنما الذي بأيديكم عطية من الله لكم ومحض منه - فأحسنوا لعباد الله، كما أحسن الله إليكم.
ومفهوم الآية الكريمة أن
nindex.php?page=treesubj&link=7449العبد إذا لم يطلب الكتابة، لا يؤمر سيده أن يبتدئ بكتابته، وأنه إذا لم يعلم منه خيرا بأن علم منه عكسه، إما أنه يعلم أنه لا كسب له، فيكون بسبب ذلك كلا على الناس، ضائعا، وإما أن يخاف إذا عتق وصار في حرية نفسه أن يتمكن من الفساد، فهذا لا يؤمر بكتابته، بل ينهى عن ذلك لما فيه من المحذور المذكور.
ثم قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33ولا تكرهوا فتياتكم أي: إماءكم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33على البغاء أي: أن تكون زانية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن أردن تحصنا لأنه لا يتصور إكراهها إلا بهذه الحال، وأما إذا لم ترد تحصنا فإنها تكون بغيا، يجب على سيدها منعها من ذلك، وإنما هذا نهي لما كانوا يستعملونه في الجاهلية، من كون السيد يجبر أمته على البغاء؛ ليأخذ منها أجرة
[ ص: 1167 ] ذلك، ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرا منكم وأعف عن الزنا، وأنتم تفعلون بهن ذلك؛ لأجل عرض الحياة، متاع قليل يعرض ثم يزول.
فكسبكم النزاهة والنظافة والمروءة -بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها- أفضل من كسبكم العرض القليل، الذي يكسبكم الرذالة والخسة.
ثم دعا من جرى منه الإكراه إلى التوبة، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم فليتب إلى الله، وليقلع عما صدر منه مما يغضبه، فإذا فعل ذلك غفر الله ذنوبه، ورحمه كما رحم نفسه بفكاكها من العذاب، وكما رحم أمته بعدم إكراهها على ما يضرها.
nindex.php?page=treesubj&link=10789_10790_28723_33317_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=10355_19513_28270_28640_28723_29694_32360_7447_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ ص: 1165 ] (32) يَأْمُرُ تَعَالَى الْأَوْلِيَاءَ وَالْأَسْيَادَ بِإِنْكَاحِ مَنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِمْ مِنَ الْأَيَامَى، وَهُمْ: مَنْ لَا أَزْوَاجَ لَهُمْ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ ثَيِّبٍ وَأَبْكَارٍ، فَيَجِبُ عَلَى الْقَرِيبِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ يَحْتَاجُ لِلزَّوَاجِ، مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانُوا مَأْمُورِينَ بِإِنْكَاحِ مَنْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ كَانَ أَمْرُهُمْ بِالنِّكَاحِ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّالِحِينَ صَلَاحُ الدِّينِ، وَأَنَّ الصَّالِحَ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ - وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ فَاجِرًا زَانِيًا - مَأْمُورٌ سَيِّدُهُ بِإِنْكَاحِهِ؛ جَزَاءً لَهُ عَلَى صَلَاحِهِ، وَتَرْغِيبًا لَهُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْفَاسِدَ بِالزِّنَا مَنْهِيٌّ عَنْ تَزَوُّجِهِ، فَيَكُونُ مُؤَيِّدًا لِلْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10795نِكَاحَ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ مُحَرَّمٌ حَتَّى يَتُوبَ، وَيَكُونُ التَّخْصِيصُ بِالصَّلَاحِ فِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ دُونَ الْأَحْرَارِ؛ لِكَثْرَةِ وُجُودِ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ عَادَةً. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّالِحِينَ الصَّالِحُونَ لِلتَّزَوُّجِ الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24383السَّيِّدَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِتَزْوِيجِ مَمْلُوكِهِ قَبْلَ حَاجَتِهِ إِلَى الزَّوَاجِ. وَلَا يَبْعُدُ إِرَادَةُ الْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ أَيِ: الْأَزْوَاجَ وَالْمُتَزَوِّجِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَلَا يَمْنَعْكُمْ مَا تَتَوَهَّمُونَ مِنْ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ افْتَقَرَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْعَائِلَةِ وَنَحْوِهِ. وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى التَّزَوُّجِ، وَوَعْدٌ لِلْمُتَزَوِّجِ بِالْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَاللَّهُ وَاسِعٌ كَثِيرُ الْخَيْرِ عَظِيمُ الْفَضْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ فَضْلَهُ الدِّينِيَّ وَالدُّنْيَوِيَّ أَوْ أَحَدَهُمَا مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ، فَيُعْطِي كُلًّا مَا عَلِمَهُ وَاقْتَضَاهُ حُكْمُهُ.
(33)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هَذَا حُكْمُ الْعَاجِزِ عَنِ النِّكَاحِ، أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ، أَنْ يَكُفَّ عَنِ الْمُحَرَّمِ، وَيَفْعَلَ الْأَسْبَابَ الَّتِي تَكُفُّهُ عَنْهُ، مِنْ صَرْفِ دَوَاعِي قَلْبِهِ بِالْأَفْكَارِ الَّتِي تَخْطُرُ بِإِيقَاعِهِ فِيهِ، وَيَفْعَلُ أَيْضًا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=684748 "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا أَيْ: لَا يَقْدِرُونَ نِكَاحًا، إِمَّا لِفَقْرِهِمْ أَوْ فَقْرِ أَوْلِيَائِهِمْ وَأَسْيَادِهِمْ، أَوِ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ تَزْوِيجِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى إِجْبَارِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ أَحْسَنُ مِنْ تَقْدِيرِ مَنْ قَدَّرَ: "لَا يَجِدُونَ مَهْرَ نِكَاحٍ" وَجَعَلُوا الْمُضَافَ إِلَيْهِ
[ ص: 1166 ] نَائِبًا مَنَابَ الْمُضَافِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مَحْذُورَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْحَذْفُ فِي الْكَلَامِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ.
وَالثَّانِي: كَوْنُ الْمَعْنَى قَاصِرًا عَلَى مَنْ لَهُ حَالَانِ، حَالَةُ غِنًى بِمَالِهِ، وَحَالَةُ عُدْمٍ، فَيَخْرُجُ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ وَمَنْ إِنْكَاحُهُ عَلَى وَلِيِّهِ، كَمَا ذَكَرْنَا،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَعْدٌ لِلْمُسْتَعْفِفِ أَنَّ اللَّهَ سَيُغْنِيهِ وَيُيَسِّرُ لَهُ أَمْرَهُ، وَأَمْرٌ لَهُ بِانْتِظَارِ الْفَرَجِ؛ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا أَيْ: مَنِ ابْتَغَى وَطَلَبَ مِنْكُمُ الْكِتَابَةَ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ، فَأَجِيبُوهُ إِلَى مَا طَلَبَ، وَكَاتِبُوهُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ أَيْ: فِي الطَّالِبِينَ لِلْكِتَابَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33خَيْرًا أَيْ: قُدْرَةً عَلَى التَّكَسُّبِ، وَصَلَاحًا فِي دِينِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْكِتَابَةِ تَحْصِيلَ الْمَصْلَحَتَيْنِ: مَصْلَحَةُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَمَصْلَحَةُ الْعِوَضِ الَّذِي يَبْذُلُهُ فِي فِدَاءِ نَفْسِهِ. وَرُبَّمَا جَدَّ وَاجْتَهَدَ وَأَدْرَكَ لِسَيِّدِهِ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي رِقِّهِ، فَلَا يَكُونُ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ فِي كِتَابَتِهِ، مَعَ حُصُولِ عَظِيمِ الْمَنْفَعَةِ لِلْعَبْدِ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ بِالْكِتَابَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَمْرَ إِيجَابٍ، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَأَمَرَ بِمُعَاوَنَتِهِمْ عَلَى كِتَابَتِهِمْ؛ لِكَوْنِهِمْ مُحْتَاجِينَ لِذَلِكَ، بِسَبَبِ أَنَّهُمْ لَا مَالَ لَهُمْ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَمْرُ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ يُسْقِطَ عَنْهُ مِنْهَا، وَأَمْرُ النَّاسِ بِمَعُونَتِهِمْ، وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُكَاتَبِينَ قِسْطًا مِنَ الزَّكَاةِ، وَرَغَّبَ فِي إِعْطَائِهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ أَيْ: فَكَمَا أَنَّ الْمَالَ مَالُ اللَّهِ - وَإِنَّمَا الَّذِي بِأَيْدِيكُمْ عَطِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ لَكُمْ وَمَحْضٌ مِنْهُ - فَأَحْسِنُوا لِعِبَادِ اللَّهِ، كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ.
وَمَفْهُومُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7449الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَطْلُبِ الْكِتَابَةَ، لَا يُؤْمَرُ سَيِّدُهُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِكِتَابَتِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ خَيْرًا بِأَنْ عَلِمَ مِنْهُ عَكْسَهُ، إِمَّا أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ، فَيَكُونُ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، ضَائِعًا، وَإِمَّا أَنْ يَخَافَ إِذَا عَتَقَ وَصَارَ فِي حُرِّيَّةِ نَفْسِهِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْفَسَادِ، فَهَذَا لَا يُؤْمَرُ بِكِتَابَتِهِ، بَلْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ أَيْ: إِمَاءَكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33عَلَى الْبِغَاءِ أَيْ: أَنْ تَكُونَ زَانِيَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إِكْرَاهُهَا إِلَّا بِهَذِهِ الْحَالِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تُرِدْ تَحَصُّنًا فَإِنَّهَا تَكُونُ بَغِيًّا، يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هَذَا نَهْيٌ لِمَا كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ كَوْنِ السَّيِّدِ يُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى الْبِغَاءِ؛ لِيَأْخُذَ مِنْهَا أُجْرَةَ
[ ص: 1167 ] ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يَلِيقُ بِكُمْ أَنْ تَكُونَ إِمَاؤُكُمْ خَيْرًا مِنْكُمْ وَأَعَفَّ عَنِ الزِّنَا، وَأَنْتُمْ تَفْعَلُونَ بِهِنَّ ذَلِكَ؛ لِأَجْلِ عَرَضِ الْحَيَاةِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ يَعْرِضُ ثُمَّ يَزُولُ.
فَكَسْبُكُمُ النَّزَاهَةَ وَالنَّظَافَةَ وَالْمُرُوءَةَ -بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَعِقَابِهَا- أَفْضَلُ مِنْ كَسْبِكُمُ الْعَرَضَ الْقَلِيلَ، الَّذِي يُكْسِبُكُمُ الرَّذَالَةَ وَالْخِسَّةَ.
ثُمَّ دَعَا مَنْ جَرَى مِنْهُ الْإِكْرَاهُ إِلَى التَّوْبَةِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ، وَلْيُقْلِعْ عَمَّا صَدَرَ مِنْهُ مِمَّا يُغْضِبُهُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ، وَرَحِمَهُ كَمَا رَحِمَ نَفْسَهُ بِفِكَاكِهَا مِنَ الْعَذَابِ، وَكَمَا رَحِمَ أَمَتَهُ بِعَدَمِ إِكْرَاهِهَا عَلَى مَا يَضُرُّهَا.