يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى
يوم أي: القيامة، تقع فيه هذه الأمور العظيمة فـ تكون السماء كالمهل وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ.
وتكون الجبال كالعهن وهو الصوف المنفوش، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل، [ ص: 1882 ] فإذا كان هذا الانزعاج والقلق لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟
أليس حقيقا أن ينخلع قلبه وينزعج لبه، ويذهل عن كل أحد؟ ولهذا قال: ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم أي: يشاهد الحميم، وهو القريب حميمه، فلا يبقى في قلبه متسع لسؤاله عن حاله، ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومودتهم، ولا يهمه إلا نفسه.
يود المجرم الذي حق عليه العذاب لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته أي: زوجته وأخيه وفصيلته أي: قرابته التي تؤويه أي: التي جرت عادتها في الدنيا أن تتناصر ويعين بعضها بعضا، ففي يوم القيامة، لا ينفع أحد أحدا، ولا يشفع أحد إلا بإذن الله.
بل لو يفتدي المجرم المستحق للعذاب بجميع ما في الأرض ثم ينجيه لم ينفعه.
كلا أي: لا حيلة ولا مناص لهم، قد حقت عليهم كلمة ربك وذهب نفع الأقارب والأصدقاء.
إنها لظى نزاعة للشوى أي: النار التي تتلظى تنزع من شدتها للأعضاء الظاهرة والباطنة.
تدعو إلى نفسها من أدبر وتولى وجمع فأوعى أي: أدبر عن اتباع الحق وأعرض عنه، فلا غرض له فيه، وجمع الأموال بعضها فوق بعض وأوعاها، فلم ينفق منها، فالنار تدعو هؤلاء إلى نفسها، وتستعد للالتهاب بهم.