[ ص: 1910 ] تفسير سورة القيامة
وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه بل يريد الإنسان ليفجر أمامه يسأل أيان يوم القيامة
ليست ( لا ) ها هنا نافية، ولا زائدة وإنما أتي بها للاستفتاح والاهتمام بما بعدها، ولكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، وإن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح.
فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، وهو البعث بعد الموت، وقيام الناس من قبورهم، ثم وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.
ولا أقسم بالنفس اللوامة وهي جميع النفوس الخيرة والفاجرة، سميت " لوامة " لكثرة تلونها وترددها وعدم ثبوتها على حالة من أحوالها، ولأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما فعلت ، بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا على ما حصل منه، من تفريط أو تقصير في حق من الحقوق، أو غفلة، فجمع بين الإقسام بالجزاء، وعلى الجزاء، وبين مستحق الجزاء.
ثم أخبر مع هذا، أن بعض المعاندين يكذبون بيوم القيامة، فقال: أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بعد الموت، كما قال في الآية الأخرى: قال من يحيي العظام وهي رميم ؟ فاستبعد من جهله وعدوانه قدرة الله على خلق عظامه التي هي عماد البدن، فرد عليه بقوله: بلى قادرين على أن نسوي بنانه أي: أطراف أصابعه وعظامه، وذلك مستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن، لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان، فقد تمت خلقة الجسد، وليس إنكاره لقدرة الله تعالى قصورا بالدليل الدال على ذلك، وإنما وقع ذلك منه لأن إرادته وقصده التكذيب بما أمامه من البعث. والفجور: الكذب مع التعمد.