تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين
(13) أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها، وفي ذلك دليل على أن الوصية للوارث منسوخة بتقديره تعالى أنصباء الوارثين.
ثم قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها فالوصية للوارث بزيادة على حقه يدخل في هذا التعدي، مع قوله صلى الله عليه وسلم: ثم ذكر طاعة الله ورسوله ومعصيتهما عموما ليدخل في العموم لزوم حدوده في الفرائض أو ترك ذلك فقال: "لا وصية لوارث" ومن يطع الله ورسوله بامتثال أمرهما الذي أعظمه طاعتهما في التوحيد، ثم الأوامر على اختلاف درجاتها واجتناب نهيهما الذي أعظمه الشرك بالله، ثم المعاصي على اختلاف طبقاتها يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها فمن أدى الأوامر واجتنب النواهي فلا بد له من دخول الجنة والنجاة من النار. وذلك الفوز العظيم الذي حصل به النجاة من سخطه وعذابه، والفوز بثوابه ورضوانه بالنعيم المقيم الذي لا يصفه الواصفون.
(14) ومن يعص الله ورسوله إلخ، ويدخل في اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي، فلا يكون فيها شبهة للخوارج القائلين بكفر أهل المعاصي فإن الله تعالى رتب دخول الجنة على طاعته وطاعة رسوله. ورتب دخول النار على معصيته ومعصية رسوله، فمن أطاعه طاعة تامة دخل الجنة بلا عذاب، ومن [ ص: 290 ] عصى الله ورسوله معصية تامة يدخل فيها الشرك فما دونه، دخل النار وخلد فيها، ومن اجتمع فيه معصية وطاعة، كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية. وقد دلت النصوص المتواترة على أن فما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود فيها. الموحدين الذين معهم طاعة التوحيد، غير مخلدين في النار،