nindex.php?page=treesubj&link=16460_28861_30563_30569_32516_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون nindex.php?page=treesubj&link=19863_2_28811_32745_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين nindex.php?page=treesubj&link=19860_19881_28902_30428_30437_30454_30564_34190_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=treesubj&link=28723_32523_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم
(107) كان أناس من المنافقين من أهل
قباء اتخذوا مسجدا إلى جنب
مسجد قباء، يريدون به المضارة والمشاقة بين المؤمنين، ويعدونه لمن يرجونه من المحاربين لله ورسوله، يكون لهم حصنا عند الاحتياج إليه، فبين تعالى خزيهم، وأظهر سرهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107والذين اتخذوا مسجدا ضرارا أي: مضارة للمؤمنين ولمسجدهم الذي يجتمعون فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وكفرا أي: قصدهم فيه الكفر، إذا قصد غيرهم الإيمان.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وتفريقا بين المؤمنين أي: ليتشعبوا ويتفرقوا ويختلفوا،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وإرصادا أي: إعدادا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107لمن حارب الله ورسوله من قبل أي: إعانة للمحاربين لله ورسوله، الذين تقدم حرابهم واشتدت عداوتهم، وذلك
كأبي عامر الراهب، الذي كان من أهل
المدينة، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى
المدينة، كفر به، وكان متعبدا في الجاهلية، فذهب إلى المشركين يستعين بهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما لم يدرك مطلوبه عندهم ذهب إلى
قيصر بزعمه أنه ينصره، فهلك اللعين في الطريق، وكان على وعد وممالأة، هو والمنافقون. فكان مما أعدوا له مسجد الضرار، فنزل الوحي بذلك، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم من يهدمه ويحرقه، فهدم وحرق، وصار بعد ذلك مزبلة.
[ ص: 685 ] قال تعالى بعدما بين من مقاصدهم الفاسدة في ذلك المسجد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وليحلفن إن أردنا في بنائنا إياه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107إلا الحسنى أي: الإحسان إلى الضعيف، والعاجز والضرير.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107والله يشهد إنهم لكاذبون فشهادة الله عليهم أصدق من حلفهم.
(108)
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تقم فيه أبدا أي: لا تصل في ذلك المسجد الذي بني ضرارا أبدا. فالله يغنيك عنه، ولست بمضطر إليه.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ظهر فيه الإسلام في "قباء" وهو
مسجد "قباء" أسس على إخلاص الدين لله، وإقامة ذكره وشعائر دينه، وكان قديما في هذا عريقا فيه، فهذا المسجد الفاضل
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أحق أن تقوم فيه وتتعبد، وتذكر الله تعالى فهو فاضل، وأهله فضلاء، ولهذا مدحهم الله بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فيه رجال يحبون أن يتطهروا من الذنوب، ويتطهروا من الأوساخ، والنجاسات والأحداث.
ومن المعلوم أن من أحب شيئا لا بد أن يسعى له ويجتهد فيما يحب، فلا بد أنهم كانوا حريصين على التطهر من الذنوب والأوساخ والأحداث، ولهذا كانوا ممن سبق إسلامه، وكانوا مقيمين للصلاة، محافظين على الجهاد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقامة شرائع الدين، وممن كانوا يتحرزون من مخالفة الله ورسوله.
وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم بعدما نزلت هذه الآية في مدحهم عن طهارتهم، فأخبروه أنهم يتبعون الحجارة الماء، فحمدهم على صنيعهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108والله يحب المطهرين الطهارة المعنوية، كالتنزه من الشرك والأخلاق الرذيلة، والطهارة الحسية كإزالة الأنجاس ورفع الأحداث.
(109) ثم فاضل بين المساجد بحسب مقاصد أهلها وموافقتها لرضاه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله أي: على نية صالحة وإخلاص
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109ورضوان بأن كان موافقا لأمره، فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109خير أم من أسس بنيانه على شفا أي: على طرف
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جرف هار أي: بال، قد تداعى للانهدام،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين لما فيه مصالح دينهم ودنياهم.
(110)
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم أي: شكا، وريبا ماكثا في
[ ص: 686 ] قلوبهم،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110إلا أن تقطع قلوبهم بأن يندموا غاية الندم ويتوبوا إلى ربهم، ويخافوه غاية الخوف، فبذلك يعفو الله عنهم، وإلا فبنيانهم لا يزيدهم إلا ريبا إلى ريبهم، ونفاقا إلى نفاقهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110والله عليم بجميع الأشياء، ظاهرها، وباطنها، خفيها وجليها، وبما أسره العباد، وأعلنوه.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110حكيم لا يفعل ولا يخلق ولا يأمر ولا ينهى إلا ما اقتضته الحكمة وأمر به فلله الحمد .
وفي هذه الآيات فوائد عدة:
منها: أن
nindex.php?page=treesubj&link=33995اتخاذ المسجد الذي يقصد به الضرار لمسجد آخر بقربه، أنه محرم، وأنه يجب هدم مسجد الضرار، الذي اطلع على مقصود أصحابه.
ومنها: أن العمل وإن كان فاضلا تغيره النية، فينقلب منهيا عنه، كما قلبت نية أصحاب مسجد الضرار عملهم إلى ما ترى.
ومنها: أن كل حالة يحصل بها التفريق بين المؤمنين، فإنها من المعاصي التي يتعين تركها وإزالتها.
كما أن كل حالة يحصل بها جمع المؤمنين وائتلافهم، يتعين اتباعها والأمر بها والحث عليها، لأن الله علل اتخاذهم لمسجد الضرار بهذا المقصد الموجب للنهي عنه، كما يوجب ذلك الكفر والمحاربة لله ورسوله.
ومنها: النهي عن الصلاة في أماكن المعصية، والبعد عنها، وعن قربها.
ومنها: أن
nindex.php?page=treesubj&link=29494المعصية تؤثر في البقاع، كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار، ونهي عن القيام فيه، وكذلك الطاعة تؤثر في الأماكن كما أثرت في مسجد " قباء" حتى قال الله فيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه .
ولهذا كان
لمسجد قباء من الفضل ما ليس لغيره، حتى كان صلى الله عليه وسلم يزور
قباء كل سبت يصلي فيه، وحث على الصلاة فيه.
ومنها: أنه يستفاد من هذه التعاليل المذكورة في الآية، أربع قواعد مهمة، وهي:
كل عمل فيه مضارة لمسلم، أو فيه معصية لله، فإن المعاصي من فروع الكفر، أو فيه تفريق بين المؤمنين، أو فيه معاونة لمن عادى الله ورسوله، فإنه محرم ممنوع منه، وعكسه بعكسه.
[ ص: 687 ] ومنها: أن الأعمال الحسية الناشئة عن معصية الله لا تزال مبعدة لفاعلها عن الله بمنزلة الإصرار على المعصية حتى يزيلها ويتوب منها توبة تامة بحيث يتقطع قلبه من الندم والحسرات.
ومنها: أنه إذا كان مسجد
قباء مسجدا أسس على التقوى، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي أسسه بيده المباركة وعمل فيه واختاره الله له من باب أولى وأحرى.
ومنها: أن
nindex.php?page=treesubj&link=19867_19695العمل المبني على الإخلاص والمتابعة، هو العمل المؤسس على التقوى، الموصل لعامله إلى جنات النعيم.
والعمل المبني على سوء القصد وعلى البدع والضلال، هو العمل المؤسس على شفا جرف هار، فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي القوم الظالمين.
nindex.php?page=treesubj&link=16460_28861_30563_30569_32516_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=19863_2_28811_32745_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=19860_19881_28902_30428_30437_30454_30564_34190_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_32523_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(107) كَانَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهْلِ
قُبَاءَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا إِلَى جَنْبِ
مَسْجِدِ قُبَاءَ، يُرِيدُونَ بِهِ الْمُضَارَّةَ وَالْمُشَاقَّةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُعِدُّونَهُ لِمَنْ يَرْجُونَهُ مِنَ الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، يَكُونُ لَهُمْ حِصْنًا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، فَبَيَّنَ تَعَالَى خِزْيَهُمْ، وَأَظْهَرَ سِرَّهُمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا أَيْ: مُضَارَّةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِمَسْجِدِهِمُ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَكُفْرًا أَيْ: قَصْدُهُمْ فِيهِ الْكُفْرُ، إِذَا قَصَدَ غَيْرُهُمُ الْإِيمَانَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ: لِيَتَشَعَّبُوا وَيَتَفَرَّقُوا وَيَخْتَلِفُوا،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَإِرْصَادًا أَيْ: إِعْدَادًا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ أَيْ: إِعَانَةً لِلْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، الَّذِينَ تَقَدَّمَ حِرَابُهُمْ وَاشْتَدَّتْ عَدَاوَتُهُمْ، وَذَلِكَ
كَأَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ، الَّذِي كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَاجَرَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، كَفَرَ بِهِ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَذَهَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا لَمْ يُدْرِكْ مَطْلُوبَهُ عِنْدَهُمْ ذَهَبَ إِلَى
قَيْصَرَ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَنْصُرُهُ، فَهَلَكَ اللَّعِينُ فِي الطَّرِيقِ، وَكَانَ عَلَى وَعْدٍ وَمُمَالَأَةٍ، هُوَ وَالْمُنَافِقُونَ. فَكَانَ مِمَّا أَعَدُّوا لَهُ مَسْجِدُ الضِّرَارِ، فَنَزَلَ الْوَحْيُ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَهْدِمُهُ وَيَحْرُقُهُ، فَهُدِمَ وَحُرِقَ، وَصَارَ بَعْدَ ذَلِكَ مَزْبَلَةً.
[ ص: 685 ] قَالَ تَعَالَى بَعْدَمَا بَيَّنَ مِنْ مَقَاصِدِهِمُ الْفَاسِدَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا فِي بِنَائِنَا إِيَّاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107إِلا الْحُسْنَى أَيِ: الْإِحْسَانَ إِلَى الضَّعِيفِ، وَالْعَاجِزِ وَالضَّرِيرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=107وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فَشَهَادَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَصْدَقُ مِنْ حَلِفِهِمْ.
(108)
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا أَيْ: لَا تُصَلِّ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ضِرَارًا أَبَدًا. فَاللَّهُ يُغْنِيكَ عَنْهُ، وَلَسْتَ بِمُضْطَرٍّ إِلَيْهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ظَهَرَ فِيهِ الْإِسْلَامُ فِي "قُبَاءَ" وَهُوَ
مَسْجِدُ "قُبَاءَ" أُسِّسَ عَلَى إِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ، وَإِقَامَةِ ذِكْرِهِ وَشَعَائِرِ دِينِهِ، وَكَانَ قَدِيمًا فِي هَذَا عَرِيقًا فِيهِ، فَهَذَا الْمَسْجِدُ الْفَاضِلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ وَتَتَعَبَّدَ، وَتَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ فَاضِلٌ، وَأَهْلُهُ فُضَلَاءُ، وَلِهَذَا مَدَحَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوبِ، وَيَتَطَهَّرُوا مِنَ الْأَوْسَاخِ، وَالنَّجَاسَاتِ وَالْأَحْدَاثِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا لَا بُدَّ أَنْ يَسْعَى لَهُ وَيَجْتَهِدَ فِيمَا يُحِبُّ، فَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى التَّطَهُّرِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَوْسَاخِ وَالْأَحْدَاثِ، وَلِهَذَا كَانُوا مِمَّنْ سَبَقَ إِسْلَامُهُ، وَكَانُوا مُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ، مُحَافِظِينَ عَلَى الْجِهَادِ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِقَامَةِ شَرَائِعِ الدِّينِ، وَمِمَّنْ كَانُوا يَتَحَرَّزُونَ مِنْ مُخَالَفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَدْحِهِمْ عَنْ طَهَارَتِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ يَتْبَعُونَ الْحِجَارَةَ الْمَاءَ، فَحَمَدَهُمْ عَلَى صَنِيعِهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ الطَّهَارَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ، كَالتَّنَزُّهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَالطَّهَارَةَ الْحِسِّيَّةَ كَإِزَالَةِ الْأَنْجَاسِ وَرَفْعِ الْأَحْدَاثِ.
(109) ثُمَّ فَاضَلَ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ بِحَسَبِ مَقَاصِدِ أَهْلِهَا وَمُوَافَقَتِهَا لِرِضَاهُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ أَيْ: عَلَى نِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَإِخْلَاصٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109وَرِضْوَانٍ بِأَنْ كَانَ مُوَافِقًا لِأَمْرِهِ، فَجَمَعَ فِي عَمَلِهِ بَيْنَ الْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا أَيْ: عَلَى طَرَفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جُرُفٍ هَارٍ أَيْ: بَالٍ، قَدْ تَدَاعَى لِلِانْهِدَامِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لِمَا فِيهِ مَصَالِحُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.
(110)
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ أَيْ: شَكًّا، وَرَيْبًا مَاكِثًا فِي
[ ص: 686 ] قُلُوبِهِمْ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ بِأَنْ يَنْدَمُوا غَايَةَ النَّدَمِ وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَخَافُوهُ غَايَةَ الْخَوْفِ، فَبِذَلِكَ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُمْ، وَإِلَّا فَبُنْيَانُهُمْ لَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا رَيْبًا إِلَى رَيْبِهِمْ، وَنِفَاقًا إِلَى نِفَاقِهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، ظَاهِرِهَا، وَبَاطِنِهَا، خَفِيِّهَا وَجَلِيِّهَا، وَبِمَا أَسَرَّهُ الْعِبَادُ، وَأَعْلَنُوهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110حَكِيمٌ لَا يَفْعَلُ وَلَا يَخْلُقُ وَلَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى إِلَّا مَا اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ وَأَمَرَ بِهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ فَوَائِدُ عِدَّةٌ:
مِنْهَا: أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33995اتِّخَاذَ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ بِقُرْبِهِ، أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ، الَّذِي اطُّلِعَ عَلَى مَقْصُودِ أَصْحَابِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْعَمَلَ وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا تُغَيِّرُهُ النِّيَّةُ، فَيَنْقَلِبُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَمَا قَلَبَتْ نِيَّةُ أَصْحَابِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ عَمَلَهُمْ إِلَى مَا تَرَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ يَحْصُلُ بِهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي يَتَعَيَّنُ تَرْكُهَا وَإِزَالَتُهَا.
كَمَا أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ يَحْصُلُ بِهَا جَمْعُ الْمُؤْمِنِينَ وَائْتِلَافُهُمْ، يَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهَا وَالْأَمْرُ بِهَا وَالْحَثُّ عَلَيْهَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَلَّلَ اتِّخَاذَهُمْ لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ بِهَذَا الْمَقْصِدِ الْمُوجِبِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، كَمَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْكُفْرَ وَالْمُحَارَبَةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَمِنْهَا: النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَمَاكِنِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْبُعْدُ عَنْهَا، وَعَنْ قُرْبِهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29494الْمَعْصِيَةَ تُؤَثِّرُ فِي الْبِقَاعِ، كَمَا أَثَّرَتْ مَعْصِيَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ، وَنُهِيَ عَنِ الْقِيَامِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الطَّاعَةُ تُؤَثِّرُ فِي الْأَمَاكِنِ كَمَا أَثَّرَتْ فِي مَسْجِدِ " قُبَاءَ" حَتَّى قَالَ اللَّهُ فِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ .
وَلِهَذَا كَانَ
لِمَسْجِدِ قُبَاءَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، حَتَّى كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ
قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ يُصَلِّي فِيهِ، وَحَثَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ التَّعَالِيلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، أَرْبَعُ قَوَاعِدَ مُهِمَّةٍ، وَهِيَ:
كُلُّ عَمَلٍ فِيهِ مُضَارَّةٌ لِمُسْلِمٍ، أَوْ فِيهِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ، فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ مِنْ فُرُوعِ الْكُفْرِ، أَوْ فِيهِ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ فِيهِ مُعَاوَنَةٌ لِمَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.
[ ص: 687 ] وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَعْمَالَ الْحِسِّيَّةَ النَّاشِئَةَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ لَا تَزَالُ مُبْعَدَةً لِفَاعِلِهَا عَنِ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ حَتَّى يُزِيلَهَا وَيَتُوبَ مِنْهَا تَوْبَةً تَامَّةً بِحَيْثُ يَتَقَطَّعُ قَلْبُهُ مِنَ النَّدَمِ وَالْحَسَرَاتِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَسْجِدُ
قُبَاءَ مَسْجِدًا أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَمَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَسَّسَهُ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ وَعَمِلَ فِيهِ وَاخْتَارَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19867_19695الْعَمَلَ الْمَبْنِيَّ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ، هُوَ الْعَمَلُ الْمُؤَسَّسُ عَلَى التَّقْوَى، الْمُوصِلُ لِعَامِلِهِ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
وَالْعَمَلُ الْمَبْنِيُّ عَلَى سُوءِ الْقَصْدِ وَعَلَى الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ، هُوَ الْعَمَلُ الْمُؤَسَّسُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَاللَّهِ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.