قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون
(68) يقول تعالى مخبرا عن بهت المشركين لرب العالمين قالوا اتخذ الله ولدا فنزه نفسه عن ذلك بقوله: سبحانه أي: تنزه عما يقول الظالمون في نسبة النقائص إليه علوا كبيرا، ثم برهن على ذلك، بعدة براهين:
[ ص: 722 ] أحدها: قوله: هو الغني أي: الغنى منحصر فيه، وأنواع الغنى مستغرقة فيه، فهو الغني الذي له الغنى التام بكل وجه واعتبار من جميع الوجوه، فإذا كان غنيا من كل وجه، فلأي شيء يتخذ الولد؟
ألحاجة منه إلى الولد، فهذا مناف لغناه فلا يتخذ أحد ولدا إلا لنقص في غناه.
البرهان الثاني، قوله: له ما في السماوات وما في الأرض وهذه كلمة جامعة عامة لا يخرج عنها موجود من أهل السماوات والأرض، الجميع مخلوقون عبيد مماليك.
ومن المعلوم أن هذا الوصف العام ينافي أن يكون له منهم ولد، فإن الولد من جنس والده، لا يكون مخلوقا ولا مملوكا. فملكيته لما في السماوات والأرض عموما، تنافي الولادة.
البرهان الثالث، قوله: إن عندكم من سلطان بهذا أي: هل عندكم من حجة وبرهان يدل على أن لله ولدا، فلو كان لهم دليل لأبدوه، فلما تحداهم وعجزهم عن إقامة الدليل، علم بطلان ما قالوه. وأن ذلك قول بلا علم، ولهذا قال: أتقولون على الله ما لا تعلمون فإن هذا من أعظم المحرمات.
(69-70 قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون أي: لا ينالون مطلوبهم، ولا يحصل لهم مقصودهم، وإنما يتمتعون في كفرهم وكذبهم، في الدنيا، قليلا ثم ينتقلون إلى الله، ويرجعون إليه، فيذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون. وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون .