[ ص: 778 ] nindex.php?page=treesubj&link=24397_31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين nindex.php?page=treesubj&link=18257_24397_31895_34106_34264_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين nindex.php?page=treesubj&link=28723_31787_31851_31891_31895_33975_34163_34513_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم
واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب ، ثم ذكر هذه القصة ، وبسطها ، وذكر ما جرى فيها ، فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة ، فمن أراد أن يكملها أو يحسنها بما يذكر في الإسرائيليات ، التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب ، فهو مستدرك على الله ، ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص ، وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحا ؛ فإن تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير من الأكاذيب والأمور الشنيعة ، المناقضة لما قصه الله تعالى بشيء كثير ؛ فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصه ، ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم ينقل .
(4 ) فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إذ قال يوسف لأبيه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل -عليهم الصلاة والسلام- :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين فكانت هذه الرؤيا مقدمة لما وصل إليه
يوسف -عليه السلام- من الارتفاع في الدنيا والآخرة .
وهكذا إذا أراد الله أمرا من الأمور العظام قدم بين يديه مقدمة ؛ توطئة له ، وتسهيلا لأمره ، واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق ، ولطفا بعبده ، وإحسانا إليه ، فأولها يعقوب بأن الشمس : أمه ، والقمر : أبوه ، والكواكب : إخوته ، وأنه ستنتقل به الأحوال إلى أن يصير إلى حال يخضعون له ، ويسجدون له إكراما وإعظاما ، وأن ذلك لا يكون إلا بأسباب تتقدمه من اجتباء الله له ، واصطفائه له ، وإتمام نعمته عليه بالعلم والعمل ، والتمكين في الأرض ، وأن هذه النعمة ستشمل آل
يعقوب ، الذين سجدوا له وصاروا تبعا له فيها
(6 ) ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك أي : يصطفيك ويختارك بما من به عليك من الأوصاف الجليلة والمناقب الجميلة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6ويعلمك من تأويل الأحاديث أي : من تعبير الرؤيا ، وبيان ما تئول إليه الأحاديث الصادقة ، كالكتب السماوية ونحوها ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6ويتم نعمته عليك في الدنيا والآخرة ؛ بأن يؤتيك في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق حيث
[ ص: 779 ] أنعم الله عليهما ، بنعم عظيمة واسعة ، دينية ، ودنيوية .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6إن ربك عليم حكيم أي : علمه محيط بالأشياء ، وبما احتوت عليه ضمائر العباد من البر وغيره ، فيعطي كلا ما تقتضيه حكمته وحمده ؛ فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها .
(5 ) ولما تم تعبيرها ليوسف ؛ قال له أبوه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا أي : حسدا من عند أنفسهم ؛ بأن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5إن الشيطان للإنسان عدو مبين لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا ، ولا سرا ولا جهارا ؛ فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى ، فامتثل يوسف أمر أبيه ، ولم يخبر إخوته بذلك ، بل كتمها عنهم .
[ ص: 778 ] nindex.php?page=treesubj&link=24397_31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ nindex.php?page=treesubj&link=18257_24397_31895_34106_34264_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=28723_31787_31851_31891_31895_33975_34163_34513_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَنَّهُ يَقُصُّ عَلَى رَسُولِهِ أَحْسَنَ الْقَصَصِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ ، وَبَسَطَهَا ، وَذَكَرَ مَا جَرَى فِيهَا ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهَا قِصَّةٌ تَامَّةٌ كَامِلَةٌ حَسَنَةٌ ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُكَمِّلَهَا أَوْ يُحَسِّنَهَا بِمَا يُذْكَرُ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا سَنَدٌ وَلَا نَاقِلٌ وَأَغْلَبُهَا كَذِبٌ ، فَهُوَ مُسْتَدْرِكٌ عَلَى اللَّهِ ، وَمُكْمِّلٌ لِشَيْءٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَاقِصٌ ، وَحَسْبُكَ بِأَمْرٍ يَنْتَهِي إِلَى هَذَا الْحَدِّ قُبْحًا ؛ فَإِنَّ تَضَاعِيفَ هَذِهِ السُّورَةِ قَدْ مُلِئَتْ فِي كَثِيرٍ مِنَ التَّفَاسِيرِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ وَالْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ ، الْمُنَاقِضَةِ لِمَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ كَثِيرٍ ؛ فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَفْهَمَ عَنِ اللَّهِ مَا قَصَّهُ ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْقَلُ .
(4 ) فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ فَكَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا مُقَدِّمَةً لِمَا وَصَلَ إِلَيْهِ
يُوسُفُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنَ الِارْتِفَاعِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
وَهَكَذَا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُقَدِّمَةً ؛ تَوْطِئَةً لَهُ ، وَتَسْهِيلًا لِأَمْرِهِ ، وَاسْتِعْدَادًا لِمَا يَرِدُ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْمَشَاقِّ ، وَلُطْفًا بِعَبْدِهِ ، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِ ، فَأَوَّلَهَا يَعْقُوبُ بِأَنَّ الشَّمْسَ : أُمُّهُ ، وَالْقَمَرَ : أَبُوهُ ، وَالْكَوَاكِبَ : إِخْوَتُهُ ، وَأَنَّهُ سَتَنْتَقِلُ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ يَصِيرَ إِلَى حَالٍ يَخْضَعُونَ لَهُ ، وَيَسْجُدُونَ لَهُ إِكْرَامًا وَإِعْظَامًا ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَسْبَابٍ تَتَقَدَّمُهُ مِنِ اجْتِبَاءِ اللَّهِ لَهُ ، وَاصْطِفَائِهِ لَهُ ، وَإِتْمَامِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، وَأَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ سَتَشْمَلُ آلَ
يَعْقُوبَ ، الَّذِينَ سَجَدُوا لَهُ وَصَارُوا تَبَعًا لَهُ فِيهَا
(6 ) وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ أَيْ : يَصْطَفِيكَ وَيَخْتَارُكَ بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْجَلِيلَةِ وَالْمَنَاقِبِ الْجَمِيلَةِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ أَيْ : مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا ، وَبَيَانِ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّادِقَةُ ، كَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَنَحْوِهَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؛ بِأَنْ يُؤْتِيَكَ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ حَيْثُ
[ ص: 779 ] أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ وَاسِعَةٍ ، دِينِيَّةٍ ، وَدُنْيَوِيَّةٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَيْ : عِلْمُهُ مُحِيطٌ بِالْأَشْيَاءِ ، وَبِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ ضَمَائِرُ الْعِبَادِ مِنَ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ ، فَيُعْطِي كُلًّا مَا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ وَحَمْدُهُ ؛ فَإِنَّهُ حَكِيمٌ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا ، وَيُنْزِلُهَا مَنَازِلَهَا .
(5 ) وَلَمَّا تَمَّ تَعْبِيرُهَا لِيُوسُفَ ؛ قَالَ لَهُ أَبُوهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا أَيْ : حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ؛ بِأَنْ تَكُونَ أَنْتَ الرَّئِيسُ الشَّرِيفُ عَلَيْهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا ، وَلَا سِرًّا وَلَا جِهَارًا ؛ فَالْبُعْدُ عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَسَلَّطُ بِهَا عَلَى الْعَبْدِ أَوْلَى ، فَامْتَثَلَ يُوسُفُ أَمْرَ أَبِيهِ ، وَلَمْ يُخْبِرْ إِخْوَتَهُ بِذَلِكَ ، بَلْ كَتَمَهَا عَنْهُمْ .