باب الغلام يبلغ والكافر يسلم ببعض رمضان قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقد بينا أن المراد شهود بعضه . واختلف الفقهاء في الصبي يبلغ في بعض رمضان أو الكافر يسلم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس في الموطأ
وعبيد الله بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : " يصومان ما بقي ، وليس عليهما قضاء ما مضى ولا قضاء اليوم الذي كان فيه البلوغ أو الإسلام " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : " أحب إلي أن يقضيه " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في الغلام إذا احتلم في النصف من رمضان : " إنه يقضي ما مضى منه ، فإنه كان يطيق الصوم " وقال في الكافر إذا أسلم : " لا قضاء عليه فيما مضى " . وقال أصحابنا : " يستحب لهما الإمساك عما يمسك عنه الصائم في اليوم الذي كان فيه الاحتلام أو الإسلام " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر رحمه الله : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقد بينا معناه ، وأن كونه من أهل التكليف شرط في لزومه ، والصبي لم يكن من أهل التكليف قبل البلوغ ، فغير جائز إلزامه حكمه . وأيضا الصغر ينافي صحة الصوم ؛ لأن الصغير لا يصح صومه وإنما يؤمر به على وجه التعلم ، وليعتاده ويمرن عليه ، ألا ترى أنه متى بلغ لم يلزمه قضاء الصلاة المتروكة ولا قضاء الصيام المتروك في حال الصغر ؟
فدل ذلك على أنه غير جائز إلزامه القضاء فيما تركه في حال الصغر ، ولو جاز إلزامه قضاء ما مضى من الشهر لجاز إلزامه قضاء الصوم للعام الماضي إذا كان يطيقه ، فلما اتفق المسلمون على سقوط القضاء للسنة الماضية مع إطاقته للصوم ، وجب أن يكون ذلك حكمه في الشهر الذي أدرك في بعضه .
وأما الكافر فهو في حكم الصبي من هذا الوجه لاستحالة تكليفه للصوم إلا على شرط تقديم الإيمان ومنافاة الكفر لصحة الصوم ، فأشبه الصبي ؛ وليسا كالمجنون الذي يفيق في بعض الشهر في إلزامه القضاء لما مضى من الشهر ؛ لأن الجنون لا ينافي صحة الصوم ، بدلالة أن من جن في صيامه لم يبطل صومه ؛ وفي هذا دليل على أن الجنون لا ينافي صحة صومه ، وأن الكفر ينافيها فأشبه الصغير من هذا الوجه ، وإن اختلفا في باب استحقاق الكافر العقاب على تركه ، والصغير لا يستحقه .
ويدل على سقوط القضاء لما مضى عمن أسلم في بعض رمضان قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=942948الإسلام يجب ما قبله والإسلام يهدم ما قبله .
وإنما قال أصحابنا : يمسك المسلم في بعض رمضان والصبي بقية يومهما عن الأكل والشرب ، من قبل أنه قد طرأ عليهما ، وهما مفطران
[ ص: 232 ] حال لو كانت موجودة في أول النهار كانا مأمورين بالصيام ، فواجب أن يكونا مأمورين بالإمساك في مثله إذا كانا مفطرين ؛ والأصل فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى أهل العوالي يوم عاشوراء فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=65290من أكل فليمسك بقية يومه ، ومن لم يأكل فليصم وروي أنه أمر الآكلين بالقضاء وأمرهم بالإمساك مع كونهم مفطرين ؛ لأنهم لو لم يكونوا قد أكلوا لأمروا بالصيام ، فاعتبرنا بذلك كل حال تطرأ عليه في بعض النهار ، وهو مفطر بما لو كانت موجودة في أوله كيف يكون حكمه ؛ فإن كان مما يلزمه بها الصوم أمر بالإمساك ، وإن كان مما لا يلزمه لم يؤمر به ؛ ومن أجل ذلك قالوا في
nindex.php?page=treesubj&link=2356الحائض إذا طهرت في بعض النهار ،
nindex.php?page=treesubj&link=2507_2355_2508والمسافر إذا قدم ، وقد أفطر في سفره ، إنهما مأموران بالإمساك ؛ إذ لو كانت حال الطهر والإقامة موجودة في أول النهار كانا مأمورين بالصيام ، وقالوا : لو حاضت في بعض النهار لم تؤمر بالإمساك إذ الحيض لو كان موجودا في أول النهار لم تؤمر بالصيام .
فإن قيل : فهلا أبحت لمن كان مقيما في أول النهار ثم سافر أن يفطر ؛ لأن حال السفر لو كانت موجودة في أول النهار ثم سافر كان مبيحا للإفطار ، قيل له : لم نجعل ما قدمنا علة للإفطار ولا للصوم ، وإنما جعلناه علة لإمساك المفطر ، فأما إباحة الإفطار وحظره فله شرط آخر غير ما ذكرنا .
وقد حوى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه أحكاما أخر غير ما ذكرنا ؛ منها : دلالته على أن
nindex.php?page=treesubj&link=2368_27079من استبان له بعدما أصبح أنه من رمضان فعليه أن يبتدئ صومه ؛ لأن الآية لم تفرق بين من علمه من الليل أو في بعض النهار ، وهي عامة في الحالين جميعا ، فاقتضى ذلك جواز ترك نية صوم رمضان من الليل ؛ وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=2353_2352_2368المغمى عليه والمجنون إذا أفاقا في بعض النهار ولم يتقدم لهما نية الصوم من الليل فواجب عليهما أن يبتدئا الصيام في ذلك الوقت ؛ لأنهما قد شهدا الشهر ، وقد جعل الله شهود الشهر شرطا للزوم الصوم .
وفي الآية حكم آخر : تدل أيضا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=22763_27079من نوى بصيامه في شهر رمضان تطوعا أو عن فرض آخر أنه مجزئ عن رمضان لأن الأمر بفعل الصوم فيه ورد مطلقا غير مقيد بوصف ولا مخصوص بشرط نية الفرض ، فعلى أي وجه صام فقد قضى عهدة الآية وليس عليه غيره . وفيها حكم آخر : تدل أيضا على لزوم صوم أول يوم من رمضان لمن رأى الهلال وحده دون غيره ، وأنه غير جائز له الإفطار مع كون اليوم محكوما عند سائر الناس أنه من شعبان .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة عن
هشام ،
وأشعث عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=treesubj&link=2411_2408فيمن رأى الهلال [ ص: 233 ] وحده : أنه لا يصوم إلا مع الإمام وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح في رجل رأى هلال شهر رمضان قبل الناس بليلة : لا يصوم قبل الناس ولا يفطر قبلهم ، أخشى أن يكون شبه له . فأما
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فإنه أطلق الجواب في أنه لا يصوم ، وهذا يدل على أنه ، وإن تيقن الرؤية من غير شك ولا شبهة أنه لا يصوم ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، فإنه يشبه أن يكون أباح له الإفطار إذا جوز على نفسه الشبهة في الرؤية ، وأنه لم يكن رأى حقيقة ، وإنما تخيل له ما ظنه هلالا .
وظاهر الآية يوجب الصوم على من رآه ؛ إذ لم يفرق بين من رآه وحده ومن رآه مع الناس .
وفيها حكم آخر : ومن الناس من يقول إنه
nindex.php?page=treesubj&link=22765إذا لم يكن عالما بدخول الشهر لم يجزه صومه ، ويحتج بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : فإنما ألزم الفرض على من علم به ؛ لأن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد بمعنى شاهد وعلم ، فمن لم يعلم فهو غير مؤد لفرضه ، وذلك كنحو من يصوم رمضان على شك ثم يصير إلى اليقين ولا اشتباه ،
nindex.php?page=treesubj&link=22765كالأسير في دار الحرب إذا صام شهرا فإذا هو شهر رمضان ، فقالوا : لا يجزئ من كان هذا وصفه ؛ ويحكى هذا القول عن جماعة من
السلف . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي فيه قولان :
أحدهما : أنه يجزئ ، والآخر : أنه لا يجزئ .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في الأسير إذا أصاب عين رمضان : " أجزأه " وكذلك إذا أصاب شهرا بعده . وأصحابنا يجيزون صومه بعد أن يصادف عين الشهر أو بعده ، ولا نعلم خلافا بين الفقهاء أنه
nindex.php?page=treesubj&link=22765إذا تحرى شهرا وغلب على ظنه أنه رمضان ثم صار إلى اليقين ولا اشتباه أنه رمضان أنه يجزيه ، وكذلك إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1379تحرى وقت صلاة في يوم غيم وصلى على غالب الظن ثم تيقن أنه الوقت يجزيه .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه وإن احتمل العلم به فغير مانع من جوازه ، وإن لم يعلم به ، من قبل أن ذلك إنما هو شرط في لزومه ومنع تأخيره ، وأما نفي الجواز فلا دلالة فيه عليه ، ولو كان الأمر على ما قال من منع جوازه لوجب أن لا يجب على من اشتبهت عليه الشهور ، وهو في دار الحرب ولم يعلم برمضان القضاء ؛ لأنه لم يشاهد الشهر ، ولم يعلم به ، فلما اتفق المسلمون على لزوم القضاء على من لم يعلم بشهر رمضان دل ذلك على أنه ليس شرط جواز صومه العلم به كما لم يكن شرط وجوب قضائه العلم به ، ولما كان من وصفنا من فقد علمه بالشهر شاهدا له في باب لزومه قضاءه إذا لم يصم ، وجب أن يكون شاهدا له في باب جواز صومه متى صادف عينه وأيضا إذا احتمل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر أن يعني به كونه من أهل التكليف في الشهر على ما تقدم
[ ص: 234 ] بيانه ، فواجب أن يجزيه على أي حال شهد الشهر ، وهذا شاهد للشهر من حيث كان من أهل التكليف ، فاقتضى ظاهر الآية جوازه وإن لم يكن عالما بدخوله .
واحتج أيضا من أبى جوازه عند فقد العلم بقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=21241صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين قالوا : فإذا كان مأمورا بفعل الصوم لرؤية متقدمة ، فإنه متى لم يره أن يحكم به أنه من شعبان فغير جائز له صومه مع الحكم به من شعبان ؛ إذ كان صوم شعبان غير مجزئ عن رمضان .
وهذا أيضا غير مانع جوازه كما لا يمنع وجوب القضاء إذا علم بعد ذلك أنه من رمضان ؛ وإنما كان محكوما بأنه من شعبان على شرط فقد العلم ، فإذا علم بعد ذلك أنه من رمضان فمتى علم أنه من رمضان فهو محكوم له به من الشهر وينتقض ما كنا حكمنا به بديا من أنه من شعبان فكان حكمنا بذلك منتظرا مراعى ، وكذلك يكون صوم يومه ذلك مراعى ؛ فإن استبان أنه من رمضان أجزأه وإن لم يستبن له فهو تطوع .
فإن قيل : وجوب قضائه إذا أفطر فيه غير دال على جوازه إذا صامه ؛ لأن الحائض يلزمها القضاء ولم يدل وجوب القضاء على الجواز قيل له : إذا كان المانع من جواز صومه فقد العلم به ، فواجب أن يكون هذا المعنى بعينه مانعا من لزوم قضائه إذا أفطر فيه كالمجنون والصبي ؛ لأنك زعمت أن المانع من جوازه كونه غير شاهد للشهر وغير عالم به ، ومن لم يشهد الشهر فلا قضاء عليه إن كان حكم الوجوب مقصورا على من شهده دون من لم يشهده ، ولا يختلف على هذا الحد حكم الجواز إذا صام وحكم القضاء إذا أفطر .
وأما الحائض فلا يتعلق عليها حكم تكليف الصوم من جهة شهودها للشهر وعلمها به ؛ لأنها مع علمها به لا يجزيها صومه ، ولم يتعلق مع ذلك وجوب القضاء بإفطارها ؛ إذ ليس لها فعل في الإفطار ؛ فلذلك لم يجب سقوط القضاء عنها من حيث لم يجزها صومها .
وفيها وجه آخر من الحكم : وهو أن من الناس من يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=2359_2507إذا طرأ عليه شهر رمضان ، وهو مقيم ثم سافر فغير جائز له الإفطار ؛ ويروى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه وعن
عبيدة وأبي مجلز . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : " إن شاء أفطر إذا سافر " وهو قول فقهاء الأمصار .
واحتج الفريق الأول بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا قد شهد الشهر فعليه إكمال صومه بمقتضى ظاهر اللفظ ، وهذا معناه عند الآخرين إلزام فرض الصوم في حال كونه مقيما ؛ لأنه قد بين حكم المسافر عقيب ذلك بقوله :
[ ص: 235 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ولم يفرق بين من كان مقيما في أول الشهر ثم سافر وبين من كان مسافرا في ابتدائه ، فدل ذلك على أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه مقصور الحكم على حال الإقامة دون حال السفر بعدها . وأيضا لو كان المعنى فيه ما ذكروا لوجب أن يجوز لمن كان مسافرا في أول الشهر ثم أقام أن يفطر ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وقد كان هذا مسافرا .
وكذلك من كان مريضا في أوله ثم برئ وجب أن يجوز له الإفطار بقضية ظاهرة ؛ إذ قد حصل له اسم المسافر والمريض ؛ فلما لم يكن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر مانعا من لزوم صومه إذا أقام أو برئ في بعض الشهر ، وكان هذا الحكم مقصورا على حال بقاء السفر والمرض ، كذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر مقصور على حال بقاء الإقامة ، وقد نقل أهل السير وغيرهم إنشاء النبي صلى الله عليه وسلم السفر في رمضان في عام الفتح ، وصومه في ذلك السفر ، وإفطاره بعد صومه ، وأمره الناس بالإفطار ، مع آثار مستفيضة وهي مشهورة غير محتاجة إلى ذكر الأسانيد ؛ وهذا يدل على أن مراد الله في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه مقصور على حال بقاء الإقامة في إلزام الصوم وترك الإفطار .
بَابٌ الْغُلَامُ يَبْلُغُ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ بِبَعْضِ رَمَضَانَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ شُهُودُ بَعْضِهِ . وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصَّبِيِّ يَبْلُغُ فِي بَعْضِ رَمَضَانَ أَوِ الْكَافِرِ يُسْلِمُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرُ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي الْمُوَطَّأِ
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : " يَصُومَانِ مَا بَقِيَ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا قَضَاءُ مَا مَضَى وَلَا قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْبُلُوغُ أَوِ الْإِسْلَامُ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : " أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهُ " . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْغُلَامِ إِذَا احْتَلَمَ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ : " إِنَّهُ يَقْضِي مَا مَضَى مِنْهُ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُطِيقُ الصَّوْمَ " وَقَالَ فِي الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ : " لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى " . وَقَالَ أَصْحَابُنَا : " يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِمْسَاكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الِاحْتِلَامُ أَوِ الْإِسْلَامُ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ ، وَأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ شَرْطٌ فِي لُزُومِهِ ، وَالصَّبِيُّ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ إِلْزَامُهُ حُكْمَهُ . وَأَيْضًا الصِّغَرُ يُنَافِي صِحَّةَ الصَّوْمِ ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعَلُّمِ ، وَلِيَعْتَادَهُ وَيُمَرَّنَ عَلَيْهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَتَى بَلَغَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ وَلَا قَضَاءُ الصِّيَامِ الْمَتْرُوكِ فِي حَالِ الصِّغَرِ ؟
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إِلْزَامُهُ الْقَضَاءَ فِيمَا تَرَكَهُ فِي حَالِ الصِّغَرِ ، وَلَوْ جَازَ إِلْزَامُهُ قَضَاءَ مَا مَضَى مِنَ الشَّهْرِ لَجَازَ إِلْزَامُهُ قَضَاءَ الصَّوْمِ لِلْعَامِ الْمَاضِي إِذَا كَانَ يُطِيقُهُ ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ لِلسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ مَعَ إِطَاقَتِهِ لِلصَّوْمِ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي أَدْرَكَ فِي بَعْضِهِ .
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لِاسْتِحَالَةِ تَكْلِيفِهِ لِلصَّوْمِ إِلَّا عَلَى شَرْطِ تَقْدِيمِ الْإِيمَانِ وَمُنَافَاةِ الْكُفْرِ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ ، فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ ؛ وَلَيْسَا كَالْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فِي إِلْزَامِهِ الْقَضَاءَ لِمَا مَضَى مِنَ الشَّهْرِ ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ الصَّوْمِ ، بِدَلَالَةِ أَنَّ مَنْ جُنَّ فِي صِيَامِهِ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ ؛ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ صَوْمِهِ ، وَأَنَّ الْكُفْرَ يُنَافِيهَا فَأَشْبَهَ الصَّغِيرَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي بَابِ اسْتِحْقَاقِ الْكَافِرِ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِهِ ، وَالصَّغِيرُ لَا يَسْتَحِقُّهُ .
وَيَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ لِمَا مَضَى عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي بَعْضِ رَمَضَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=942948الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَالْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ .
وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا : يُمْسِكُ الْمُسْلِمُ فِي بَعْضِ رَمَضَانَ وَالصَّبِيُّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ طَرَأَ عَلَيْهِمَا ، وَهُمَا مُفْطِرَانِ
[ ص: 232 ] حَالَ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَا مَأْمُورَيْنِ بِالصِّيَامِ ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَا مَأْمُورَيْنِ بِالْإِمْسَاكِ فِي مِثْلِهِ إِذَا كَانَا مُفْطِرِينَ ؛ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=65290مَنْ أَكَلَ فَلْيُمْسِكْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ الْآكِلِينَ بِالْقَضَاءِ وَأَمَرَهُمْ بِالْإِمْسَاكِ مَعَ كَوْنِهِمْ مُفْطِرِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ أَكَلُوا لَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ ، فَاعْتَبَرْنَا بِذَلِكَ كُلَّ حَالٍ تَطْرَأُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ ، وَهُوَ مُفْطِرٌ بِمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِهِ كَيْفَ يَكُونُ حُكْمُهُ ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِهَا الصَّوْمُ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2356الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=2507_2355_2508وَالْمُسَافِرِ إِذَا قَدِمَ ، وَقَدْ أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ ، إِنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالْإِمْسَاكِ ؛ إِذْ لَوْ كَانَتْ حَالَ الطُّهْرِ وَالْإِقَامَةِ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَا مَأْمُورَيْنِ بِالصِّيَامِ ، وَقَالُوا : لَوْ حَاضَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَمْ تُؤْمَرْ بِالْإِمْسَاكِ إِذِ الْحَيْضُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَمْ تُؤْمَرْ بِالصِّيَامِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَهَلَّا أَبَحْتَ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ سَافَرَ أَنْ يُفْطِرَ ؛ لِأَنَّ حَالَ السَّفَرِ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ سَافَرَ كَانَ مُبِيحًا لِلْإِفْطَارِ ، قِيلَ لَهُ : لَمْ نَجْعَلَ مَا قَدَّمْنَا عِلَّةً لِلْإِفْطَارِ وَلَا لِلصَّوْمِ ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ عِلَّةً لِإِمْسَاكِ الْمُفْطِرِ ، فَأَمَّا إِبَاحَةُ الْإِفْطَارِ وَحَظْرِهِ فَلَهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا .
وَقَدْ حَوَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ أَحْكَامًا أُخَرَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا ؛ مِنْهَا : دَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=2368_27079مَنِ اسْتَبَانَ لَهُ بَعْدَمَا أَصْبَحَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ صَوْمَهُ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقَ بَيْنَ مَنْ عَلِمَهُ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ ، وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ تَرْكِ نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنَ اللَّيْلِ ؛ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=2353_2352_2368الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ إِذَا أَفَاقَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَلَمْ يَتَقَدَّمَ لَهُمَا نِيَّةُ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمَا أَنْ يَبْتَدِئَا الصِّيَامَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا الشَّهْرَ ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ شُهُودَ الشَّهْرِ شَرْطًا لِلُزُومِ الصَّوْمِ .
وَفِي الْآيَةِ حُكْمٌ آخَرُ : تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22763_27079مَنْ نَوَى بِصِيَامِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ فَرْضٍ آخَرَ أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِفِعْلِ الصَّوْمِ فِيهِ وَرَدَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفٍ وَلَا مَخْصُوصٍ بِشَرْطِ نِيَّةِ الْفَرْضِ ، فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَامَ فَقَدْ قَضَى عُهْدَةَ الْآيَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ . وَفِيهَا حُكْمٌ آخَرُ : تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى لُزُومِ صَوْمِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لِمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِفْطَارُ مَعَ كَوْنِ الْيَوْمِ مَحْكُومًا عِنْدَ سَائِرِ النَّاسِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15903رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ
هِشَامٍ ،
وَأَشْعَثُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=treesubj&link=2411_2408فِيمَنْ رَأَى الْهِلَالَ [ ص: 233 ] وَحْدَهُ : أَنَّهُ لَا يَصُومُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي رَجُلٍ رَأَى هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ النَّاسِ بِلَيْلَةٍ : لَا يَصُومُ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا يُفْطِرُ قَبْلَهُمْ ، أَخْشَى أَنْ يَكُونَ شُبِّهَ لَهُ . فَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ ، وَهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ ، وَإِنْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ أَنَّهُ لَا يَصُومُ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ ، فَإِنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ لَهُ الْإِفْطَارَ إِذَا جَوَّزَ عَلَى نَفْسِهِ الشُّبْهَةَ فِي الرُّؤْيَةِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا تَخَيَّلَ لَهُ مَا ظَنَّهُ هِلَالًا .
وَظَاهِرُ الْآيَةِ يُوجِبُ الصَّوْمَ عَلَى مَنْ رَآهُ ؛ إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ وَمَنْ رَآهُ مَعَ النَّاسِ .
وَفِيهَا حُكْمٌ آخَرُ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22765إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِدُخُولِ الشَّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ قَالَ : فَإِنَّمَا أَلْزَمَ الْفَرْضَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ بِمَعْنَى شَاهَدَ وَعَلِمَ ، فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ غَيْرُ مُؤَدٍّ لِفَرْضِهِ ، وَذَلِكَ كَنَحْوِ مَنْ يَصُومُ رَمَضَانَ عَلَى شَكٍّ ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْيَقِينِ وَلَا اشْتِبَاهَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22765كَالْأَسِيرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِذَا صَامَ شَهْرًا فَإِذَا هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَقَالُوا : لَا يُجْزِئُ مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ ؛ وَيُحْكَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ
السَّلَفِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يُجْزِئُ ، وَالْآخَرُ : أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْأَسِيرِ إِذَا أَصَابَ عَيْنَ رَمَضَانَ : " أَجْزَأَهُ " وَكَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ شَهْرًا بَعْدَهُ . وَأَصْحَابُنَا يُجِيزُونَ صَوْمَهُ بَعْدَ أَنْ يُصَادِفَ عَيْنَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22765إِذَا تَحَرَّى شَهْرًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ رَمَضَانُ ثُمَّ صَارَ إِلَى الْيَقِينِ وَلَا اشْتِبَاهَ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1379تَحَرَّى وَقْتَ صَلَاةٍ فِي يَوْمِ غَيْمٍ وَصَلَّى عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ الْوَقْتُ يُجْزِيهِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَإِنِ احْتَمَلَ الْعِلْمُ بِهِ فَغَيْرُ مَانِعٍ مِنْ جَوَازِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي لُزُومِهِ وَمَنْعِ تَأْخِيرِهِ ، وَأَمَّا نَفْيُ الْجَوَازِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ مِنْ مَنْعِ جَوَازِهِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى مَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ ، وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِرَمَضَانَ الْقَضَاءُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدِ الشَّهْرَ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى لُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَهْرِ رَمَضَانَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطُ جَوَازِ صَوْمِهِ الْعِلْمَ بِهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ شَرْطُ وُجُوبِ قَضَائِهِ الْعِلْمَ بِهِ ، وَلَمَّا كَانَ مَنْ وَصَفْنَا مِنْ فَقْدِ عِلْمِهِ بِالشَّهْرِ شَاهِدًا لَهُ فِي بَابِ لُزُومِهِ قَضَاءَهُ إِذَا لَمْ يَصُمْ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَهُ فِي بَابِ جَوَازِ صَوْمِهِ مَتَى صَادَفَ عَيْنَهُ وَأَيْضًا إِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ أَنْ يَعْنِي بِهِ كَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ فِي الشَّهْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
[ ص: 234 ] بَيَانُهُ ، فَوَاجِبٌ أَنْ يُجْزِيَهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ شَهِدَ الشَّهْرُ ، وَهَذَا شَاهِدٌ لِلشَّهْرِ مِنْ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ ، فَاقْتَضَى ظَاهِرُ الْآيَةِ جَوَازَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِدُخُولِهِ .
وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ أَبَى جَوَازَهُ عِنْدَ فَقْدِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=21241صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ قَالُوا : فَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِفِعْلِ الصَّوْمِ لِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ، فَإِنَّهُ مَتَى لَمْ يَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ صَوْمُهُ مَعَ الْحُكْمِ بِهِ مِنْ شَعْبَانَ ؛ إِذْ كَانَ صَوْمُ شَعْبَانَ غَيْرُ مُجْزِئٍ عَنْ رَمَضَانَ .
وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَانِعٍ جَوَازَهُ كَمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ إِذَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ؛ وَإِنَّمَا كَانَ مَحْكُومًا بِأَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى شَرْطِ فَقْدِ الْعِلْمِ ، فَإِذَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَتَى عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِهِ مِنَ الشَّهْرِ وَيَنْتَقِضُ مَا كُنَّا حَكَمْنَا بِهِ بَدِيًّا مِنْ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَكَانَ حُكْمُنَا بِذَلِكَ مُنْتَظَرًا مُرَاعًى ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ صَوْمُ يَوْمِهِ ذَلِكَ مُرَاعًى ؛ فَإِنِ اسْتَبَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ .
فَإِنْ قِيلَ : وُجُوبُ قَضَائِهِ إِذَا أَفْطَرَ فِيهِ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا صَامَهُ ؛ لِأَنَّ الْحَائِضَ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَلَمْ يَدُلَّ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى الْجَوَازِ قِيلَ لَهُ : إِذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ صَوْمِهِ فَقْدَ الْعِلْمِ بِهِ ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَانِعًا مِنْ لُزُومِ قَضَائِهِ إِذَا أَفْطَرَ فِيهِ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ ؛ لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جَوَازِهِ كَوْنُهُ غَيْرَ شَاهِدٍ لِلشَّهْرِ وَغَيْرَ عَالِمٍ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَشْهَدِ الشَّهْرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ حُكْمُ الْوُجُوبِ مَقْصُورًا عَلَى مَنْ شَهِدَهُ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا الْحَدِّ حُكْمُ الْجَوَازِ إِذَا صَامَ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ إِذَا أَفْطَرَ .
وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا يَتَعَلَّقَ عَلَيْهَا حُكْمُ تَكْلِيفِ الصَّوْمِ مِنْ جِهَةِ شُهُودِهَا لِلشَّهْرِ وَعِلْمِهَا بِهِ ؛ لِأَنَّهَا مَعَ عِلْمِهَا بِهِ لَا يُجْزِيهَا صَوْمُهُ ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ مَعَ ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِإِفْطَارِهَا ؛ إِذْ لَيْسَ لَهَا فِعْلٌ فِي الْإِفْطَارِ ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ سُقُوطُ الْقَضَاءِ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ لَمْ يُجْزِهَا صَوْمُهَا .
وَفِيهَا وَجْهٌ آخَرُ مِنَ الْحُكْمِ : وَهُوَ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=2359_2507إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ ، وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِفْطَارُ ؛ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَعَنْ
عُبَيْدَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ : " إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ إِذَا سَافَرَ " وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ .
وَاحْتَجَّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَهَذَا قَدْ شَهِدَ الشَّهْرَ فَعَلَيْهِ إِكْمَالُ صَوْمِهِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ ، وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْآخَرِينَ إِلْزَامُ فَرْضِ الصَّوْمِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُقِيمًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَ الْمُسَافِرِ عَقِيبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
[ ص: 235 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ سَافَرَ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي ابْتِدَائِهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ مَقْصُورُ الْحُكْمِ عَلَى حَالِ الْإِقَامَةِ دُونَ حَالِ السَّفَرِ بَعْدَهَا . وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرُوا لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِمَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَقَامَ أَنْ يُفْطِرَ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَقَدْ كَانَ هَذَا مُسَافِرًا .
وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مَرِيضًا فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ بَرِئَ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْإِفْطَارُ بِقَضِيَّةٍ ظَاهِرَةٍ ؛ إِذْ قَدْ حَصَلَ لَهُ اسْمُ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ ؛ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مَانِعًا مِنْ لُزُومِ صَوْمِهِ إِذَا أَقَامَ أَوْ بَرِئَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ ، وَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى حَالِ بَقَاءِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ، كَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ مَقْصُورٌ عَلَى حَالِ بَقَاءِ الْإِقَامَةِ ، وَقَدْ نَقَلَ أَهْلُ السِّيَرِ وَغَيْرُهُمْ إِنْشَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّفَرَ فِي رَمَضَانَ فِي عَامِ الْفَتْحِ ، وَصَوْمَهُ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ ، وَإِفْطَارَهُ بَعْدَ صَوْمِهِ ، وَأَمْرَهُ النَّاسَ بِالْإِفْطَارِ ، مَعَ آثَارٍ مُسْتَفِيضَةٍ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إِلَى ذِكْرِ الْأَسَانِيدِ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ مَقْصُورٌ عَلَى حَالِ بَقَاءِ الْإِقَامَةِ فِي إِلْزَامِ الصَّوْمِ وَتَرْكِ الْإِفْطَارِ .