وفي هذه الآيات وفيها دلالة على دحض شبه النصارى في أنه إله؛ أو ابن الإله؛ -؛ لولا أنهم عرفوا يقينا أنه [ ص: 296 ] نبي؛ ما الذي كان يمنعهم من المباهلة؟ فلما أحجموا وامتنعوا عنها دل أنهم قد كانوا عرفوا صحة نبوته بالدلائل المعجزات؛ وبما وجدوا من نعته في كتب الأنبياء المتقدمين؛ وفيه الدلالة على صحة نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم الحسن ابنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم والحسين -; لأنه أخذ بيد أن الحسن - حين أراد حضور المباهلة - وقال: "تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم "؛ ولم يكن هناك للنبي - صلى الله عليه وسلم - بنون غيرهما؛ وقد روي والحسين - رضي الله عنه -: "إن ابني هذا سيد"؛ للحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال وهما من ذريته أيضا؛ كما جعل الله (تعالى) وقال - حين بال عليه أحدهما وهو صغير -: "لا تزرموا ابني"؛ عيسى من ذرية إبراهيم - عليهما السلام - بقوله (تعالى): ومن ذريته داود وسليمان ؛ إلى قوله (تعالى): وزكريا ويحيى وعيسى ؛ وإنما نسبته إليه من جهة أمه لأنه لا أب له.
ومن الناس من يقول: إن هذا مخصوص في الحسن - رضي الله عنهما - أن يسميا ابني النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ دون غيرهما؛ وقد روي في ذلك خبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على خصوص إطلاق اسم ذلك فيهما؛ دون غيرهما من الناس; لأنه روي عنه أنه قال: " والحسين "؛ وقال كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة؛ إلا سببي ونسبي محمد - فيمن -: "إن الوصية لولد الابن دون ولد الابنة"؛ وقد روى أوصى لولد فلان؛ ولم يكن له ولد لصلبه؛ وله ولد ابن وولد ابنة عن الحسن بن زياد أن ولد الابنة يدخلون فيه؛ وهذا يدل على أن قوله (تعالى)؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك مخصوص به أبي حنيفة الحسن ؛ في جواز نسبتهما على الإطلاق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره من الناس؛ لما ورد فيه من الأثر؛ وأن غيرهما من الناس إنما ينسبون إلى الآباء؛ وقومهم؛ دون قوم الأم؛ ألا ترى أن والحسين ؛ أن ابنه يكون هاشميا؛ منسوبا إلى قوم أبيه؛ دون أمه؟ وكذلك قال الشاعر: الهاشمي إذا استولد جارية رومية؛ أو حبشية
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد
فنسبة الحسن - رضي الله عنهما - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبنوة على الإطلاق مخصوص بهما؛ لا يدخل فيه غيرهما؛ هذا هو الظاهر المتعالم من كلام الناس فيمن سواهما; لأنهم ينسبون إلى الأب وقومه؛ دون قوم الأم. والحسين