ولما تقدمت أنواع المؤمنين: المهاجر والناصر والقاعد، وذكر أحكام موالاتهم، أخذ يبين تفاوتهم في الفضل فقال: والذين آمنوا أي: بالله وما أتى منه وهاجروا أي: فيه من يعاديه سابقين مع نبيه صلى الله عليه وسلم وجاهدوا أي: بما تقدم من المال والنفس أو بأحدهما في سبيل الله أي: الذي له صفات الكمال فبذلوا الجهد في إذلالهم كما بذل الأعداء الجهد في إذلالهم، ولم يذكر آلة الجهاد لأنها - مع تقدم ذكرها لازمة والذين آووا أي: من هاجر إليهم ونصروا أي: وأعلم بقوله: حزب الله، أولئك أي: الصنفين الأولين خاصة هم المؤمنون حقا أي: حق الإيمان؛ لأنهم حققوا أيمانهم: المهاجر بالانسلاخ من كل ما يحبه من الأمور الدنيوية، والناصر من جميع أهل الكفر بإيواء أهل الله ونصرتهم.
ولما بين وصفهم، بين ما حباهم به بقوله: دالا على أن الإنسان محل النقصان، فهو - وإن اجتهد حتى كان من القسم الأعلى - لا ينفك عن مواقعة ما يحتاج فيه إلى الغفران: لهم مغفرة أي: لزلاتهم وهفواتهم؛ لأن مبنى الآدمي على العجز اللازم عنه التقصير وإن اجتهد، والدين متين فلن يشاده أحد إلا غلبه; ولما ذكر تطهيرهم بالمغفرة، ذكر [ ص: 348 ] تزكيتهم بالرحمة فقال: ورزق أي: من الغنائم وغيرها في الدنيا والآخرة كريم أي: لا كدر فيه بوجه، لا في قطعه ولا في نقصانه ولا في شيء من شأنه.