ثم قال ناهيا عن إجابتهم إلى ما أرادوا به من التلبيس إنتاجا عن هذا الكلام الذي هو أمضى من السهام:
nindex.php?page=treesubj&link=19863_2_28811_32745_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تقم فيه أي مسجد الضرار
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أبدا أي سواء تابوا أو لا، وأراد بعض المخلصين أن يأخذه أولا، أي لا بد من إخرابه ومحو أثره عن وجه الأرض.
ولما ذمه وذم أهله مدح مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، إما الذي
[ ص: 19 ] بالمدينة الشريفة وإما الذي
ببني عمرو بن عوف بقباء على الخلاف في ذلك. وهو الذي اتخذ في أول الإسلام مسجدا إحسانا وإيمانا وجمعا بين المؤمنين وإعدادا لمن صادق الله ورسوله، ومدح أهله إرشادا لكل من كان مال إليه من المؤمنين لقرب أو غيره إلى العوض عنه، ولعله أبهم تعيينه وذكر وصفه ليكون صالحا لكل من المسجدين.
لما اتصف بهذا الوصف من غيرهما فقال مؤكدا تعريفا بما له من الحق ولما للمنافقين من التكذيب:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لمسجد أسس أي: وقع تأسيسه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108على التقوى أي: فأحاطت التقوى به لأنها إذا أحاطت بأوله أحاطت بآخره; ولما كان التأسيس قد تطول مدة أيامه فيكون أوله مخالفا لآخره، قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108من أول يوم أي من أيام تأسيسه، وفيه إشارة إلى ما تقدم من احتمال أن يريد أحد من أهل الإخلاص أن يتخذه مصلى. فبين أنه يصلح لذلك لأن تأسيسه كان لما هو مباعد له
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أحق أن تقوم فيه أي بالصلاة والوعظ وغيره من مسجد لم يقصد به التقوى على التقدير فرض محال إلا في ثاني الحال.
ولما مدحه مدح أهله بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فيه رجال أي لهم كمال الرجولية
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يحبون أن يتطهروا أي: في أبدانهم وقلوبهم كمال الطهارة - بما أشار إليه الإظهار، فهم دائما في جهاد أنفسهم في ذلك فأحبهم الله
[ ص: 20 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108والله أي الذي له صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يحب أي يفعل ما يفعل المحب من الإكرام بالفضل والإحسان، ولإثبات ما أفهم الاجتهاد حصل الغنى عن إظهار تاء التفعل أو للندب إلى الطهارة ولو على أدنى الوجوه المجزئة فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108المطهرين أي قاطبة منهم ومن غيرهم.
ثُمَّ قَالَ نَاهِيًا عَنْ إِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا أَرَادُوا بِهِ مِنَ التَّلْبِيسِ إِنْتَاجًا عَنْ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَمْضَى مِنَ السِّهَامِ:
nindex.php?page=treesubj&link=19863_2_28811_32745_33995_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لا تَقُمْ فِيهِ أَيْ مَسْجِدِ الضِّرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أَبَدًا أَيْ سَوَاءً تَابُوا أَوْ لَا، وَأَرَادَ بَعْضُ الْمُخْلِصِينَ أَنْ يَأْخُذَهُ أَوَّلًا، أَيْ لَا بُدَّ مِنْ إِخْرَابِهِ وَمَحْوِ أَثَرِهِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ.
وَلَمَّا ذَمَّهُ وَذَمَّ أَهْلَهُ مَدَحَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِمَّا الَّذِي
[ ص: 19 ] بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَإِمَّا الَّذِي
بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ الَّذِي اتُّخِذَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مَسْجِدًا إِحْسَانًا وَإِيمَانًا وَجَمْعًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِعْدَادًا لِمَنْ صَادَقَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَدَحَ أَهْلَهُ إِرْشَادًا لِكُلِّ مَنْ كَانَ مَالٌ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِقُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى الْعِوَضِ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ أَبْهَمَ تَعْيِينَهُ وَذَكَرَ وَصْفَهُ لِيَكُونَ صَالِحًا لِكُلٍّ مِنَ الْمَسْجِدَيْنِ.
لِمَا اتَّصَفَ بِهَذَا الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَقَالَ مُؤَكِّدًا تَعْرِيفًا بِمَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ وَلِمَا لِلْمُنَافِقِينَ مِنَ التَّكْذِيبِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ أَيْ: وَقَعَ تَأْسِيسُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108عَلَى التَّقْوَى أَيْ: فَأَحَاطَتِ التَّقْوَى بِهِ لِأَنَّهَا إِذَا أَحَاطَتْ بِأَوَّلِهِ أَحَاطَتْ بِآخِرِهِ; وَلَمَّا كَانَ التَّأْسِيسُ قَدْ تَطُولُ مُدَّةُ أَيَّامِهِ فَيَكُونُ أَوَّلُهُ مُخَالِفًا لِآخِرِهِ، قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَيْ مِنْ أَيَّامِ تَأْسِيسِهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ احْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ أَنْ يَتَّخِذَهُ مُصَلًّى. فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِذَلِكَ لِأَنَّ تَأْسِيسَهُ كَانَ لِمَا هُوَ مُبَاعِدٌ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ أَيْ بِالصَّلَاةِ وَالْوَعْظِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَسْجِدٍ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّقْوَى عَلَى التَّقْدِيرِ فَرْضٍ مُحَالٍ إِلَّا فِي ثَانِي الْحَالِ.
وَلَمَّا مَدَحَهُ مَدَحَ أَهْلَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فِيهِ رِجَالٌ أَيْ لَهُمْ كَمَالُ الرُّجُولِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا أَيْ: فِي أَبْدَانِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ كَمَالَ الطِّهَارَةِ - بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِظْهَارُ، فَهُمْ دَائِمًا فِي جِهَادِ أَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِكَ فَأَحَبَّهُمُ اللَّهُ
[ ص: 20 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108وَاللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يُحِبُّ أَيْ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُحِبُّ مِنَ الْإِكْرَامِ بِالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَلِإِثْبَاتِ مَا أَفْهَمَ الِاجْتِهَادُ حَصَلَ الْغِنَى عَنْ إِظْهَارِ تَاءِ التَّفَعُّلِ أَوْ لِلنَّدْبِ إِلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ عَلَى أَدْنَى الْوُجُوهِ الْمُجَزِّئَةِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108الْمُطَّهِّرِينَ أَيْ قَاطِبَةً مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ.