ولما كانت الملاينة أولى بالمسالمة، والمخاشنة أولى بالمصارمة، قال: وليجدوا من الوجدان فيكم غلظة أي شدة وحمية؛ لأن ذلك أهيب في صدورهم.
[ ص: 50 ] وأكف عن فجورهم، وحقيقة الغلطة في الأجسام، استعيرت هنا للشدة في الحرب، وهي تجمع الجراءة والصبر على القتال وشدة العداوة، فإذا فعلوا ذلك كانوا جامعين بين جهاد الحجة والسيف كما قيل:
من لا يعدله القرآن كان له من الصغار وبيض الهند تعديل
نبه على ذلك أبو حيان.
ولما كان التقدير: وليكن كل ذلك مع التقوى لا بسبب مال ولا جاه فإنها ملاك الأمر كله، قال منبها على ذلك بقوله: واعلموا أن الله أي الذي له الكمال كله مع المتقين فلا تخافوا أن يؤدي شيء من مصاحبتها إلى وهن؛ فإن العبرة بمن كان الله معه.