ولما كانوا جديرين عند تقريرهم بهذه الآية وإقرارهم بمضمونها بأن يقولوا: سلمنا فأسلمنا ولا نصرف عن الحق أبدا، فلم يقولوا، كانوا حقيقين بأن يقال [لهم]: حقت عليكم كلمة الله لفسقكم وزوغانكم عن الحق. فقيل: هل خصوا بذلك؟ فقيل: بل كذلك أي: مثل ذلك الحقوق العظيم حقت كلمت ربك أي المحسن إليك بإهلاك أعدائك: الكلمة الواحدة النافذة التي لا تردد فيها، ومعنى الجمع في قراءة نافع أنه لا شيء من كلماته يناقض الكلمة التي أوجبت عذابهم، بل كلها توافقها فالمراد واحد، أو يكون ذلك كناية عن أن عذابهم دائم فإن كلماته لا تنفذ وابن عامر على كل الذين فعلوا فعلهم لأنهم فسقوا أي: أوقعوا [الترك لأمر الله وأوجدوا عصيانه وفعلوا الخروج عن طريق الحق و] الخروج عن دائرة الصلاح، [وهو كونهم أمة واحدة إلى دين أبيهم آدم صفي الله عليه السلام]; [ ص: 115 ] ثم علل ذلك الحقوق بقوله: أنهم لا يؤمنون أي: لا يتجدد منهم إيمان أصلا، [وعبر بالفسق المراد به الكفر لأن السياق للخروج عن دائرة الدين الحق في قوله: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا وهذا المعنى أحق بالتعبير للفسق الذي أصله الخروج عن محيط في قولهم: فسقت الرطبة عن قشرها - أي خرجت]، أو يكون المعنى: حقت الربوبية له سبحانه بهذا الليل، وهو فعل هذه الأمور المختتمة بالتدبير المقتضي للوحدانية [له سبحانه] قطعا لأنه لو كان قادر يساويه في مقدوره لأمكن أن يمانعه، وبطل أن يكون قادرا، وحق أن من زاغ عن الحق كان في الضلال كما حق هذا كذلك حقت [أي ثبتت ثباتا عظيما] كلمت ربك على كل الذين قضى بفسقهم منهم. [و] أنهم لا يؤمنون تفسير لكلمته التي حقت; والرزق: جعل العطاء الجاري.