ولما محض لهم النصح على غاية البيان، ما كان جوابهم إلا أن قالوا أي: عاد بعد أن أظهر لهم [ هود عليه السلام] من المعجزات ما مثله آمن عليه البشر يا هود نادوه باسمه غلظة وجفاء ما جئتنا ببينة فأوضحوا لكل ذي لب أنهم مكابرون لقويم العقل وصريح النقل، فهم مفترون كما كان العرب يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أتاهم من الآيات على يده ما يفوت الحصر " لولا أنزل عليه آية من ربه " [ ص: 309 ] وما نحن وأغرقوا في النفي فقالوا: بتاركي آلهتنا مجاوزين لها أو صادرين عن قولك وتركهم للعطف بالفاء - المؤذنة بأن الأول سبب الثاني أي الواو في قولهم: وما نحن لك أي: خاصة، وأغرقوا في النفي فقالوا: بمؤمنين - دليل على أنهم تركوا اتباعه عنادا، لا أنهم يعتقدون أنه لم يأت ببينة; [وإلى ذلك يرشد أيضا تعبيرهم بالاسمية التي تدل على الثبات فإذا نفي لم ينتف الأصل]; والبينة: الحجة الواضحة في الفصل بين الحق والباطل، والبيان \: فصل المعنى من غيره حتى يظهر للنفس محررا مما سواه، والحامل على ترك البينة بعد ظهورها صد الشبهة عنها أو تقليد الرؤساء في دفعها واتهام موردها أو اعتقاد أصول فاسدة تدعو إلى جحدها أو العناد للحسد ونحوه، والجامع له كله وجود الشبهة.