ولما فرغ من الجواب عن الكفر بالموحى، عطف على "هو ربي" الجواب عن
nindex.php?page=treesubj&link=28857الكفر بالوحي فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_30347_30454_30525_30532_30549_31757_33678_34092_34199_34225_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ولو إشارة إلى أنه يعتقد في القرآن ما هو أهله بعد ما أخبر عن اعتقاده في الرحمن، أي وقل: لو
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أن قرآنا كانت به الآيات المحسوسات بأن
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31سيرت أي بأدنى إشارة من مشير ما
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31به الجبال أي فأذهبت على ثقلها وصلابتها عن وجه الأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أو قطعت أي كذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31به الأرض أي على كثافتها فشققت فتفجرت منها الأنهار
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أو كلم به الموتى فسمعت وأجابت لكان هذا القرآن، لأنه آية لا مثل لها، فكيف يطلبون آية غيره! أو يقال: إن التقدير: لو كان شيء من ذلك بقرآن غيره لكان به - إقرارا لأعينكم - إجابة إلى ما تريدون، لكنه لم تجر عادة لقرآن قبله بأن يكون به ذلك، فلم يكن بهذا القرآن،
[ ص: 341 ] لأن الله لم يرد ذلك لحكمة علمها، وليس لأحد غير الله أمر في خرق شيء من العادات، لا لولي ولا لنبي ولا غيرهما حتى يفعل لأجلكم [ بشفاعة - ] أو بغيرها شيئا لم يرده الله في الأزل
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31بل ويجوز أن يكون التقدير: لو وجد شيء من هذا بقرآن يوما ما لكان بهذا القرآن، فكان حينئذ يصير كل من حفظ منه شيئا فعل ما شاء من ذلك، فسير له ما شاء من الجبال إلى ما أراد من الأراضي لما رام من الأغراض، وقطع به ما طلب من الأرض أنهارا وجنانا وغيرها، وكلم به من اشتهى من الموتى، ثم إذا فتح هذا الباب فلا فرق بين القدرة على هذا والقدرة على غيره، فيصير من حفظ منه شيئا قادرا على شيء، فبطلت حينئذ حكمة اختصاص الله سبحانه بذلك من أراد من خلص عباده، وأدى ذلك إلى أن يدعي من أراد من الفجرة أن أمر ذلك بيده، يفعل فيه ما يشاء متى شاء، فيصير ادعاءه مقرونا بالفعل شبهة في الشرك، وليعلم قطعا أنه ليس في يد أحد أمر، بل
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31الله أي الذي له صفات الكمال وحده
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31الأمر وهو ما يصح أن يؤمر فيه وينهى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31جميعا في ذلك وغيره، لا لي ولا لأحد من الأنبياء الذين قلتم
[ ص: 342 ] إني لست أدنى منزلة منهم، وأما الخوارق التي كانت لهم فلولا أن شاءها لما كانت، فالأمر إليه وحده، مهما شاء [ كان- ]، وما لم يشأ لم يكن، وكأن هذا جواب لما حكي في السيرة النبوية أن الكفار تفتنوا به; قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : ثم إن الإسلام جعل يفشو
بمكة في قبائل
قريش في الرجال والنساء، فاجتمع أشرافهم فأرسلوا إليه صلى الله عليه وسلم فكلموه في الكف عنهم وعرضوا عليه أن يملكوه عليهم وغير ذلك فأبى وقال: "
إن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا "، فقالوا: [ فإنك - ] قد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليخرق فيها أنهارا كأنهار
الشام والعراق - زاد
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي : فلست كما زعمت بأهون على ربك من
داود حيث سخر له الجبال تسبح معه، أو سخر لنا الريح فنركبها إلى
الشام لميرتنا، ونرجع في
[ ص: 343 ] يومنا فقد سخرت الريح
لسليمان كما زعمت - رجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم
قصي بن كلاب، فإنه [كان - ] شيخ صدق، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل! فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك من الله، وأنه بعثك إلينا رسولا كما تقدم - زاد
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي : فإن
عيسى كان يحيي الموتى، ولست بأهون على ربك منه" فكان سؤالهم هذا متضمنا لادعائهم أن دعواه إنزال القرآن لا تصح إلا أن فعل هذه الأشياء.
ولما كان هذا كله إقناطا من حصول الإيمان لأحد بما يقترح، تسبب عنه الإنكار على من لم يفد فيه ذلك فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أفلم بفاء السبب
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ييأس الذين آمنوا من إيمان مقترحي الآيات بما يقترحون لعلمهم
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أن أي بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لو يشاء الله أي الذي له صفات الكمال - هداية كل أحد مشيئة مقترنة بوجوده
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لهدى الناس وبين أن اللام للاستغراق بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31جميعا أي بأيسر مشيئة، والعلم بالشيء يوجب اليأس من خلافه،
[ ص: 344 ] لكنه لم يهدهم جميعا فلم يشأ ذلك، ولا يكون إلا ما شاءه، فلا يزال فريق منهم كافرا، فقد وضح أن
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ييأس على بابها، وكذا في البيت الذي استشهدوا به على أنها بمعنى "علم" يمكن أن يكون معناه: ألم تيأسوا عن أذاي أو عن قتلي علما منكم بأني ابن فارس زهدم، فلا يضيع لي ثأر، وكذا قراءة
علي ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين - أفلم - يتبين الذين آمنوا - أي أن أهل الضلال لا يؤمنون لآية من الآيات علما منهم بأن الأمر لله جميعا، وأن إيمانهم ليس موقوفا على غير مشيئته.
ولما علم من ذلك أن بعضهم لا يؤمن، ضاقت صدور المؤمنين
[ ص: 345 ] لذلك لما يعاينونه من أذى الكفار فأتبعه ما يسليهم عاطفا على ما قدرته من نتيجة عدم المشيئة، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ولا يزال الذين كفروا أي ستروا ضياء عقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31تصيبهم بما صنعوا أي مما مرنوا عليه من الشر حتى صار لهم طبعا
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31قارعة أي داهية تزعجهم بالنقمة من بأسه على يد من يشاء، وهو من الضرب بالمقرعة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أو تحل أي تنزل نزولا ثانيا تلك القارعة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31قريبا من دارهم أي فتوهن أمرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31حتى يأتي وعد الله أي الملك الأعظم بفتح
مكة أو بالنصر على جميع الكفرة في زمن
عيسى عليه السلام فينقطع ذلك، لأنه لا يبقي على الأرض كافرا، وفي غير ذلك من الأزمان كزمن فتح
مكة المشرفة، فيكون المعنى خاصا بالبعض
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31إن الله أي الذي له مجامع الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لا يخلف الميعاد أي الوعد ولا زمانه ولا مكانه; والوعد: عقد الخبر بتضمن النفع، والوعيد: عقده بالزجر والضر، والإخلاف: نقض ما تضمن الخبر من خير أو شر.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْجَوَابِ عَنِ الْكُفْرِ بِالْمُوحَى، عُطِفَ عَلَى "هُوَ رَبِّي" الْجَوَابُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28857الْكُفْرِ بِالْوَحْيِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_30347_30454_30525_30532_30549_31757_33678_34092_34199_34225_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلَوْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ أَهْلُهُ بَعْدَ مَا أَخْبَرَ عَنِ اعْتِقَادِهِ فِي الرَّحْمَنِ، أَيْ وَقُلْ: لَوْ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَنَّ قُرْآنًا كَانَتْ بِهِ الْآيَاتُ الْمَحْسُوسَاتُ بِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31سُيِّرَتْ أَيْ بِأَدْنَى إِشَارَةٍ مِنْ مُشِيرٍ مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31بِهِ الْجِبَالُ أَيْ فَأَذْهَبَتْ عَلَى ثِقَلِهَا وَصَلَابَتِهَا عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَوْ قُطِّعَتْ أَيْ كَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31بِهِ الأَرْضُ أَيْ عَلَى كَثَافَتِهَا فَشَقَّقَتْ فَتَفَجَّرَتْ مِنْهَا الْأَنْهَارُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى فَسَمِعَتْ وَأَجَابَتْ لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنُ، لِأَنَّهُ آيَةٌ لَا مِثْلَ لَهَا، فَكَيْفَ يَطْلُبُونَ آيَةَ غَيْرِهِ! أَوْ يُقَالُ: إِنَّ التَّقْدِيرَ: لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِقُرْآنٍ غَيْرِهِ لَكَانَ بِهِ - إِقْرَارًا لِأَعْيُنِكُمْ - إِجَابَةً إِلَى مَا تُرِيدُونَ، لَكِنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ لِقُرْآنٍ قَبْلَهُ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ بِهَذَا الْقُرْآنِ،
[ ص: 341 ] لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ عَلِمَهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرَ اللَّهِ أَمَرَ فِي خَرْقِ شَيْءٍ مِنَ الْعَادَاتِ، لَا لِوَلِيٍّ وَلَا لِنَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِمَا حَتَّى يَفْعَلَ لِأَجْلِكُمْ [ بِشَفَاعَةٍ - ] أَوْ بِغَيْرِهَا شَيْئًا لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ فِي الْأَزَلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31بَلْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: لَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا بِقُرْآنٍ يَوْمًا مَا لَكَانَ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَكَانَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كُلَّ مِنْ حَفِظَ مِنْهُ شَيْئًا فَعَلَ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ، فَسَيَّرَ لَهُ مَا شَاءَ مِنَ الْجِبَالِ إِلَى مَا أَرَادَ مِنَ الْأَرَاضِي لِمَا رَامَ مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَقَطَعَ بِهِ مَا طَلَبَ مِنَ الْأَرْضِ أَنْهَارًا وَجِنَانًا وَغَيْرِهَا، وَكَلَّمَ بِهِ مَنِ اشْتَهَى مِنَ الْمَوْتَى، ثُمَّ إِذَا فَتَحَ هَذَا الْبَابَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُدْرَةِ عَلَى هَذَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَصِيرُ مَنْ حَفِظَ مِنْهُ شَيْئًا قَادِرًا عَلَى شَيْءٍ، فَبَطَلَتْ حِينَئِذٍ حِكْمَةُ اخْتِصَاصِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ مَنْ أَرَادَ مَنْ خَلَّصَ عِبَادَهُ، وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَدَّعِيَ مَنْ أَرَادَ مِنَ الْفَجَرَةِ أَنَّ أَمْرَ ذَلِكَ بِيَدِهِ، يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ مَتَى شَاءَ، فَيَصِيرُ ادِّعَاءَهُ مَقْرُونًا بِالْفِعْلِ شُبْهَةً فِي الشِّرْكِ، وَلِيَعْلَمَ قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ أَمْرٌ، بَلْ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ وَحْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31الأَمْرُ وَهُوَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْمَرَ فِيهِ وَيَنْهَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31جَمِيعًا فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ، لَا لِي وَلَا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ قُلْتُمْ
[ ص: 342 ] إِنِّي لَسْتُ أَدْنَى مَنْزِلَةً مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْخَوَارِقُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فَلَوْلَا أَنْ شَاءَهَا لَمَا كَانَتْ، فَالْأَمْرُ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، مَهْمَا شَاءَ [ كَانَ- ]، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَكَأَنَّ هَذَا جَوَابٌ لِمَا حُكِيَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ الْكَفَّارَ تَفَتَّنُوا بِهِ; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ إِنِ الْإِسْلَامَ جَعَلَ يَفْشُو
بِمَكَّةَ فِي قَبَائِلِ
قُرَيْشٍ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَاجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمُوهُ فِي الْكَفِّ عَنْهُمْ وَعَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَأَبَى وَقَالَ: "
إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلِيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا "، فَقَالُوا: [ فَإِنَّكَ - ] قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَضْيَقُ بَلَدًا وَلَا أَقَلَّ مَاءً وَلَا أَشَدَّ عَيْشًا مِنَّا، فَسَلْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ بِمَا بَعَثَكَ بِهِ فَلْيُسَيِّرْ عَنَّا هَذِهِ الْجِبَالُ الَّتِي قَدْ ضُيِّقَتْ عَلَيْنَا، وَلِيُبْسِطْ لَنَا بِلَادَنَا، وَلِيُخْرِقْ فِيهَا أَنْهَارًا كَأَنْهَارِ
الشَّامِ وَالْعِرَاقِ - زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ : فَلَسْتُ كَمَا زَعَمْتَ بِأَهْوَنِ عَلَى رَبِّكَ مِنْ
دَاوُدَ حَيْثُ سَخَّرَ لَهُ الْجِبَالَ تُسَبِّحُ مَعَهُ، أَوْ سَخَّرَ لَنَا الرِّيحَ فَنَرْكَبَهَا إِلَى
الشَّامِ لِمِيرَتِنَا، وَنَرْجِعُ فِي
[ ص: 343 ] يَوْمِنَا فَقَدْ سُخِّرَتِ الرِّيحُ
لِسُلَيْمَانَ كَمَا زَعَمْتَ - رَجَعَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ : وَلِيَبْعَثْ لَنَا مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِنَا، وَلْيَكُنْ فِيمَنْ يَبْعَثُ لَنَا مِنْهُمْ
قَصِيُّ بْنُ كِلَابٍ، فَإِنَّهُ [كَانَ - ] شَيْخُ صَدَقَ، فَنَسْأَلُهُمْ عَمَّا تَقُولُ أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ! فَإِنْ صَدَقُوكَ وَصَنَعْتَ مَا سَأَلْنَاكَ صَدَّقْنَاكَ وَعَرَفْنَا بِهِ مَنْزِلَتَكَ مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولًا كَمَا تَقَدَّمَ - زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ : فَإِنَّ
عِيسَى كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَلَسْتُ بِأَهْوَنِ عَلَى رَبِّكَ مِنْهُ" فَكَانَ سُؤَالُهُمْ هَذَا مُتَضَمِّنًا لِادِّعَائِهِمْ أَنَّ دَعْوَاهُ إِنْزَالُ الْقُرْآنِ لَا تَصِحُّ إِلَّا أَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا كُلُّهُ إِقْنَاطًا مِنْ حُصُولِ الْإِيمَانِ لِأَحَدٍ بِمَا يَقْتَرِحُ، تَسَبَّبَ عَنْهُ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ لَمْ يُفِدْ فِيهِ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَفَلَمْ بِفَاءِ السَّبَبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ إِيمَانِ مُقْتَرِحِي الْآيَاتِ بِمَا يَقْتَرِحُونَ لِعِلْمِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَنَّ أَيْ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ - هِدَايَةُ كُلِّ أَحَدٍ مَشِيئَةً مُقْتَرِنَةً بِوُجُودِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لَهَدَى النَّاسَ وَبَيَّنَ أَنَّ اللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31جَمِيعًا أَيْ بِأَيْسَرَ مَشِيئَةٍ، وَالْعِلْمُ بِالشَّيْءِ يُوجِبُ الْيَأْسَ مِنْ خِلَافِهِ،
[ ص: 344 ] لَكِنَّهُ لَمْ يَهْدِهِمْ جَمِيعًا فَلَمْ يَشَأْ ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَهُ، فَلَا يَزَالُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ كَافِرًا، فَقَدْ وَضَّحَ أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31يَيْأَسِ عَلَى بَابِهَا، وَكَذَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي اسْتَشْهَدُوا بِهِ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى "عَلِمَ" يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَلَمْ تَيْأَسُوا عَنْ أَذَايَ أَوْ عَنْ قَتْلِي عِلْمًا مِنْكُمْ بِأَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمَ، فَلَا يَضِيعُ لِي ثَأْرٌ، وَكَذَا قِرَاءَةُ
عَلَيٍّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - أَفَلَمْ - يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا - أَيْ أَنَّ أَهْلَ الضَّلَالِ لَا يُؤْمِنُونَ لِآيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ عِلْمًا مِنْهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ جَمِيعًا، وَأَنَّ إِيمَانَهُمْ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِ مَشِيئَتِهِ.
وَلَمَّا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يُؤْمِنُ، ضَاقَتْ صُدُورُ الْمُؤْمِنِينَ
[ ص: 345 ] لِذَلِكَ لَمَّا يُعَايِنُونَهُ مِنْ أَذَى الْكُفَّارِ فَأَتْبَعَهُ مَا يُسَلِّيهِمْ عَاطِفًا عَلَى مَا قَدَّرَتْهُ مِنْ نَتِيجَةِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ سَتَرُوا ضِيَاءَ عُقُولِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا أَيْ مِمَّا مُرِّنُوا عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ حَتَّى صَارَ لَهُمْ طَبْعًا
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31قَارِعَةٌ أَيْ دَاهِيَةٍ تُزْعِجُهُمْ بِالنِّقْمَةِ مِنْ بَأْسِهِ عَلَى يَدِ مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ مِنَ الضَّرْبِ بِالْمِقْرَعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَوْ تَحُلُّ أَيْ تَنْزِلُ نُزُولًا ثَانِيًا تِلْكَ الْقَارِعَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ أَيْ فَتُوهِنُ أَمْرَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ أَيِ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ بِفَتْحِ
مَكَّةَ أَوْ بِالنَّصْرِ عَلَى جَمِيعِ الْكَفَرَةِ فِي زَمَنِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَنْقَطِعُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُبْقِي عَلَى الْأَرْضِ كَافِرًا، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَزْمَانِ كَزَمَنِ فَتْحِ
مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى خَاصًّا بِالْبَعْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31إِنَّ اللَّهَ أَيِ الَّذِي لَهُ مَجَامِعُ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ أَيِ الْوَعْدِ وَلَا زَمَانُهُ وَلَا مَكَانُهُ; وَالْوَعْدُ: عَقْدُ الْخَبَرِ بِتَضَمُّنِ النَّفْعِ، وَالْوَعِيدُ: عَقْدُهُ بِالزَّجْرِ وَالضُّرِّ، وَالْإِخْلَافُ: نَقْضُ مَا تَضَمَّنَ الْخَبَرُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.