وألق وأشار إلى يمن العصا وبركتها بقوله: ما في يمينك أي من هذه العصا التي قلنا لك أول ما شرفناك بالمناجاة وما تلك بيمينك يا موسى ثم أريناك منها ما أريناك تلقف بقوة واجتهاد مع سرعة لا تكاد تدرك - بما أشار إليه حذف التاء ما صنعوا [أي فعلوه بعد تدرب كبير عليه [ ص: 308 ] وممارسة طويلة -]; ثم علل ذلك بقوله: إنما [أي أن الذي -] صنعوا أي [أن -] صنعهم [مما -] رأيته وهالك أمره.
ولما كان المقصود تحقير هذا الجيش أفرد ونكر لتنكير المضاف وتحقيره فقال: كيد ساحر أي كيد سحري لا حقيقة له ولا ثبات، [سواء كان واحدا أو جمعا، ولو جمع لخيل أن المقصود العدد، ولما كان التقدير -]: فهم لا يفلحون، عطف عليه قوله: ولا يفلح الساحر أي هذا الجنس حيث أتى أي كيف ما سار وأيه [سلك -] فإنه إنما يفعل ما لا حقيقة له، فامتثل ما أمره به [ربه -] من إلقاء عصاه، فكان ما وعده به سبحانه من تلقفها لما صنعوا من غير أن يظهر عليها زيادة في ثخن ولا غيره مع أن حبالهم وعصيهم كانت شيئا كثيرا، فعلم كل من رأى ذلك حقيته وبطلان ما فعل السحرة، فبادر السحرة منهم إلى الخضوع لأمر الله ساجدين مبادرة من كأنه ألقاه ملق على وجهه، ولذلك قال تعالى بعد أن ذكر مكرهم واجتهادهم في معارضة موسى عليه الصلاة والسلام [و -] حذف ذكر الإلقاء وما سببه من [ ص: 309 ] التلقف لأن مقصود السورة القدرة على تليين القلوب القاسية: