ولما كانت هذه الأفعال على غاية من الأهوال، تتشوف بها النفس إلى معرفة اليوم الذي تكون فيه، قال تعالى شافيا لعي هذا السؤال، زيادة في تهويل ذلك اليوم لمن له وعي:
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30340_32437_33678_33679_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104يوم أي تكون هذه الأشياء يوم
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104نطوي أي بما لنا من العظمة الباهرة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104السماء طيا فتكون كأنها لم تكن; ثم صور طيها بما يعرفون فقال مشبها للمصدر الذي دل عليه الفعل:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كطي السجل أي الكتاب الذي له العلو والقدرة على مكتوبه
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104للكتب أي القرطاس الذي يكتبه ويرسله
[ ص: 488 ] أحد، وإنما قلت ذلك لأن السجل يطلق على الكتاب وعلى الكاتب - قاله في القاموس، واختير للفاعل لفظ السجل لما مضى في سورة هود من أن هذه المادة تدور على العلو، وللمطوي لفظ الكتاب الدال على الجمع، لكونه لازما للطي، مع أن ذلك أنسب لما جعل كل منهما مثالا له، وقراءة المفرد لمقابلة لفظ السماء، والجمع للدلالة على أن المراد الجنس، فجميع السماوات تطوى; قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ثنا
محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة عن
أبي الواصل عن
أبي المليح عن
الأزدي عن
أبي الجوزاء الأزدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليقة، والأرضين السبع بما فيها من الخليقة، يطوي ذلك كله بيمينه حتى يكون ذلك بمنزلة خردلة.
ولما كان هذا عند من لا يعلم أعظم استبعادا من استبعادهم إعادة الموتى، قال دالا عليه مقربا له إلى العقول بتشبيه الإعادة بالإبداء، في تناول القدرة لهما على السواء، فإنه كما أخرجه بعلم من خزائن قدرته كذلك يرده بعلمه في خزائن قدرته، كما يصنع في نور السراج ونحوه إذا أطفئ، فكذا في غيره من جميع الأشياء -]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كما أي مثل ما
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104بدأنا أي بما علم لنا من العظمة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104أول خلق [ - أي تقدير أي تقدير كان، نكره ليفيد التفصيل واحدا واحدا، بمعنى أن كل خلق جل أو قل سواء في هذا الحكم، وهو أنا ]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104نعيده أي بتلك العظمة بعينها، غير ناسين له ولا غافلين ولا عاجزين عنه، فما كان متضام الأجزاء فمددناه نضمه بعد امتداده، وما كان ميتا فأحييناه نميته بعد حياته، وما كان حيا فأمتناه نحييه بعد موته، ونعيد منهم من التراب من بدأناه منه، والحاصل أن من أوجد شيئا لا يبعد عليه التصرف فيه كيفما كان; روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654259خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم محشورون إلى الله عراة غرلا nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كما بدأنا أول خلق نعيده - الآية، أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب! أصحابي! فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم - إلى قوله - nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117شهيد فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. ثم أعلم أن ذلك أمر لابد منه بالتعبير بالمصدر
[ ص: 490 ] تأكيدا لما أنكروه وبالغوا في إنكاره فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104وعدا وأكد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104علينا وزاده بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104إنا كنا أي أزلا وأبدا، على حالة لا تحول
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104فاعلين أي شأننا أن نفعل ما نريد، لا كلفة علينا في شيء من ذلك بوجه.
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ عَلَى غَايَةٍ مِنَ الْأَهْوَالِ، تَتَشَوَّفُ بِهَا النَّفْسُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْيَوْمِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ، قَالَ تَعَالَى شَافِيًا لِعَيِّ هَذَا السُّؤَالِ، زِيَادَةً فِي تَهْوِيلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِمَنْ لَهُ وَعْيٌ:
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30340_32437_33678_33679_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104يَوْمَ أَيْ تَكُونُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَوْمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104نَطْوِي أَيْ بِمَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ الْبَاهِرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104السَّمَاءَ طَيًّا فَتَكُونُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ; ثُمَّ صَوَّرَ طَيَّهَا بِمَا يَعْرِفُونَ فَقَالَ مُشَبِّهًا لِلْمَصْدَرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كَطَيِّ السِّجِلِّ أَيِ الْكِتَابِ الَّذِي لَهُ الْعُلُوُّ وَالْقُدْرَةُ عَلَى مَكْتُوبِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104لِلْكُتُبِ أَيِ الْقِرْطَاسِ الَّذِي يَكْتُبُهُ وَيُرْسِلُهُ
[ ص: 488 ] أَحَدٌ، وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنَّ السِّجِلَّ يُطْلَقُ عَلَى الْكِتَابِ وَعَلَى الْكَاتِبِ - قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَاخْتِيرَ لِلْفَاعِلِ لَفْظُ السِّجِلِّ لِمَا مَضَى فِي سُورَةِ هُودٍ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَدُورُ عَلَى الْعُلُوِّ، وَلِلْمَطْوِيِّ لَفْظُ الْكِتَابِ الدَّالُّ عَلَى الْجَمْعِ، لِكَوْنِهِ لَازِمًا لِلطَّيِّ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَنْسَبُ لِمَا جُعِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِثَالًا لَهُ، وَقِرَاءَةُ الْمُفْرَدِ لِمُقَابَلَةِ لَفْظِ السَّمَاءِ، وَالْجَمْعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ، فَجَمِيعُ السَّمَاوَاتِ تُطْوَى; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
أَبِي الْوَاصِلِ عَنْ
أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ
الْأَزْدِيِّ عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ الْأَزْدِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْخَلِيقَةِ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْخَلِيقَةِ، يَطْوِي ذَلِكَ كُلَّهُ بِيَمِينِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَرْدَلَةٍ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا عِنْدَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَعْظَمَ اسْتِبْعَادًا مِنَ اسْتِبْعَادِهِمْ إِعَادَةَ الْمَوْتَى، قَالَ دَالًّا عَلَيْهِ مُقَرِّبًا لَهُ إِلَى الْعُقُولِ بِتَشْبِيهِ الْإِعَادَةِ بِالْإِبْدَاءِ، فِي تَنَاوُلِ الْقُدْرَةِ لَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنَّهُ كَمَا أَخْرَجَهُ بِعِلْمٍ مِنْ خَزَائِنِ قُدْرَتِهِ كَذَلِكَ يَرُدُّهُ بِعِلْمِهِ فِي خَزَائِنِ قُدْرَتِهِ، كَمَا يُصْنَعُ فِي نُورِ السِّرَاجِ وَنَحْوِهِ إِذَا أُطْفِئَ، فَكَذَا فِي غَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ -]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كَمَا أَيْ مِثْلُ مَا
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104بَدَأْنَا أَيْ بِمَا عُلِمَ لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104أَوَّلَ خَلْقٍ [ - أَيْ تَقْدِيرَ أَيِّ تَقْدِيرٍ كَانَ، نَكَّرَهُ لِيُفِيدَ التَّفْصِيلَ وَاحِدًا وَاحِدًا، بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ خَلْقٍ جَلَّ أَوْ قَلَّ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّا ]
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104نُعِيدُهُ أَيْ بِتِلْكَ الْعَظَمَةِ بِعَيْنِهَا، غَيْرَ نَاسِينَ لَهُ وَلَا غَافِلِينَ وَلَا عَاجِزِينَ عَنْهُ، فَمَا كَانَ مُتَضَامَّ الْأَجْزَاءِ فَمَدَدْنَاهُ نَضُمُّهُ بَعْدَ امْتِدَادِهِ، وَمَا كَانَ مَيِّتًا فَأَحْيَيْنَاهُ نُمِيتُهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ، وَمَا كَانَ حَيًّا فَأَمَتْنَاهُ نُحْيِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَنُعِيدُ مِنْهُمْ مِنَ التُّرَابِ مَنْ بَدَأْنَاهُ مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَوْجَدَ شَيْئًا لَا يَبْعُدُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَمَا كَانَ; رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654259خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ عُرَاةً غُرْلًا nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ - الْآيَةُ، أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَلَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ! أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ - إِلَى قَوْلِهِ - nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117شَهِيدٌ فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. ثُمَّ أَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَابُدَّ مِنْهُ بِالتَّعْبِيرِ بِالْمَصْدَرِ
[ ص: 490 ] تَأْكِيدًا لِمَا أَنْكَرُوهُ وَبَالَغُوا فِي إِنْكَارِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104وَعْدًا وَأَكَّدَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104عَلَيْنَا وَزَادَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104إِنَّا كُنَّا أَيْ أَزَلًا وَأَبَدًا، عَلَى حَالَةٍ لَا تَحُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104فَاعِلِينَ أَيْ شَأْنُنَا أَنْ نَفْعَلَ مَا نُرِيدُ، لَا كُلْفَةَ عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ.