ولما كان اللازم من هذه الآيات تجويز أمور تهم سامعها وتقلقه للعلم بأن
nindex.php?page=treesubj&link=28783الله تعالى له أن يفعل ما يشاء من عدل وفضل، وكان من العدل جواز تعذيب الطائع وتنعيم العاصي، كان كأنه قيل: فما قال
[ ص: 514 ] الرسول الشفوق على الأمة حين سمع هذا الخطاب؟ فقيل: قال مبتهلا إلى الله تعالى - هذا على قراءة
حفص . وعلى قراءة الجمهور: لما علم سبحانه أن ذلك مقلق، أمره صلى الله عليه وسلم بما يرجي من يقلق من أتباعه فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28680_28723_32079_32498_34089_34513_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112قال رب أي [أيها -] المحسن إلي في نفسي واتباعي بامتثال أوامرك واجتناب نواهيك
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112احكم أي أنجز الحكم بيني وبين هؤلاء المخالفين
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112بالحق أي بالأمر الذي يحق لكل منا من نصر وخذلان على ما أجريته من سنتك القديمة في أوليائك وأعدائك
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=8ما ننـزل الملائكة إلا بالحق أي الأمر الفصل الناجز، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالا قال nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112رب احكم بالحق [وفي الآية أعظم حث على
nindex.php?page=treesubj&link=30364_32498لزوم الإنسان بالحق ليتأهل لهذه الدعوة -].
ولما كان التقدير: فربنا المنتقم الجبار له أن يفعل ما يشاء وهو قادر على ما توعدون، عطف عليه [قوله -]:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112وربنا أي
[ ص: 515 ] المحسن إلينا أجمعين; ثم وصفه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112الرحمن أي العام الرحمة لنا ولكم بإدرار النعم علينا، ولولا عموم رحمته لأهلكنا أجمعين وإن كنا نحن أطعناه، لأنا لا نقدره حق قدره
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة والحاصل أنه لما سأل "الحق" المراد به الهلاك للعدو والنجاة للولي، أفرد الإضافة إشارة إلى تخصيصه بالفضل، وإفرادهم بالعدل، ولما سأل العون عم بالإضافة والصفة قنوعا بترجيح جانبه بالعون وإن شملتهم الرحمة، [ولأن من رحمتهم خليتهم عما هم عليه من الشر -] فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112المستعان أي المطلوب منه العون وهو خبر المبتدإ الموصوف
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112على ما تصفون مما هو ناشئ عن غفلتكم الناشئة عن إعراضكم عن هذا الذكر من الاستهزاء والقذف بالسحر وغيره، والمناصبة بالعداوة والتوعد بكل شر، فقد انطبق آخر السورة على أولها بذكر الساعة ردا على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وذكر غفلتهم وإعراضهم وذكر القرآن الذي هو البلاغ، وذكر الرسالة بالرحمة لمن نسبوه إلى السحر وغيره، وتفصيل ما استعجلوا به من آيات الأولين وغير ذلك، وقام الدليل بالسمع بعد العقل على تحقق أمر الساعة بأنه سبحانه لا شريك له يمنعه من ذلك، وأنه يعلم السر وأخفى، وهو رحمن، فمن رحمته إيجاد يوم الدين ليجازي فيه المحسن بإحسانه،
[ ص: 516 ] والمسيء بكفرانه، وفي ذلك أعظم ترهيب في أعلى حاث على التقوى للنجاة في ذلك اليوم، وهو أول التي تليها - والله الموفق.
وَلَمَّا كَانَ اللَّازِمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ تَجْوِيزَ أُمُورٍ تَهُمُّ سَامِعَهَا وَتُقْلِقُهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28783اللَّهَ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَدْلٍ وَفَضْلٍ، وَكَانَ مِنَ الْعَدْلِ جَوَازُ تَعْذِيبِ الطَّائِعِ وَتَنْعِيمِ الْعَاصِي، كَانَ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَا قَالَ
[ ص: 514 ] الرَّسُولُ الشَّفُوقُ عَلَى الْأُمَّةِ حِينَ سَمِعَ هَذَا الْخِطَابَ؟ فَقِيلَ: قَالَ مُبْتَهِلًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى - هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ
حَفْصٍ . وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: لَمَّا عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّ ذَلِكَ مُقْلِقٌ، أَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرَجِّي مَنْ يَقْلَقُ مِنْ أَتْبَاعِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28680_28723_32079_32498_34089_34513_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112قَالَ رَبِّ أَيْ [أَيُّهَا -] الْمُحْسِنُ إِلَيَّ فِي نَفْسِي وَاتِّبَاعِي بِامْتِثَالِ أَوَامِرِكَ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112احْكُمْ أَيْ أَنْجِزِ الْحُكْمَ بَيْنِي وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112بِالْحَقِّ أَيْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَحِقُّ لِكُلٍّ مِنَّا مِنْ نَصْرٍ وَخِذْلَانٍ عَلَى مَا أَجْرَيْتَهُ مِنْ سُنَّتِكَ الْقَدِيمَةِ فِي أَوْلِيَائِكَ وَأَعْدَائِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=8مَا نُنَـزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ أَيِ الْأَمْرِ الْفَصْلِ النَّاجِزِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَهِدَ قِتَالًا قَالَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [وَفِي الْآيَةِ أَعْظَمُ حَثٍّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30364_32498لُزُومِ الْإِنْسَانِ بِالْحَقِّ لِيَتَأَهَّلَ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ -].
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ: فَرَبُّنَا الْمُنْتَقِمُ الْجَبَّارُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا تُوعَدُونَ، عَطَفَ عَلَيْهِ [قَوْلَهُ -]:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112وَرَبُّنَا أَيِ
[ ص: 515 ] الْمُحْسِنُ إِلَيْنَا أَجْمَعِينَ; ثُمَّ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112الرَّحْمَنُ أَيِ الْعَامُّ الرَّحْمَةِ لَنَا وَلَكُمْ بِإِدْرَارِ النِّعَمِ عَلَيْنَا، وَلَوْلَا عُمُومُ رَحْمَتِهِ لَأَهْلَكَنَا أَجْمَعِينَ وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ أَطَعْنَاهُ، لِأَنَّا لَا نَقْدُرُهُ حَقَّ قَدْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَ "الْحَقَّ" الْمُرَادَ بِهِ الْهَلَاكُ لِلْعَدُوِّ وَالنَّجَاةُ لِلْوَلِيِّ، أَفْرَدَ الْإِضَافَةَ إِشَارَةً إِلَى تَخْصِيصِهِ بِالْفَضْلِ، وَإِفْرَادِهِمْ بِالْعَدْلِ، وَلَمَّا سَأَلَ الْعَوْنَ عَمَّ بِالْإِضَافَةِ وَالصِّفَةِ قُنُوعًا بِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالْعَوْنِ وَإِنْ شَمِلَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، [وَلِأَنَّ مَنْ رَحِمْتَهُمْ خَلَّيْتَهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ -] فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112الْمُسْتَعَانُ أَيِ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْعَوْنُ وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الْمَوْصُوفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112عَلَى مَا تَصِفُونَ مِمَّا هُوَ نَاشِئٌ عَنْ غَفْلَتِكُمُ النَّاشِئَةِ عَنْ إِعْرَاضِكُمْ عَنْ هَذَا الذِّكْرِ مِنَ الاسْتِهْزَاءِ وَالْقَذْفِ بِالسِّحْرِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُنَاصَبَةِ بِالْعَدَاوَةِ وَالتَّوَعُّدِ بِكُلِّ شَرٍّ، فَقَدِ انْطَبَقَ آخِرُ السُّورَةِ عَلَى أَوَّلِهَا بِذِكْرِ السَّاعَةِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَذِكْرِ غَفْلَتِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ وَذِكْرِ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ الْبَلَاغُ، وَذِكْرِ الرِّسَالَةِ بِالرَّحْمَةِ لِمَنْ نَسَبُوهُ إِلَى السِّحْرِ وَغَيْرِهِ، وَتَفْصِيلِ مَا اسْتَعْجَلُوا بِهِ مِنْ آيَاتِ الْأَوَّلِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَامَ الدَّلِيلُ بِالسَّمْعِ بَعْدَ الْعَقْلِ عَلَى تَحَقُّقِ أَمْرِ السَّاعَةِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَهُوَ رَحْمَنٌ، فَمِنْ رَحْمَتِهِ إِيجَادُ يَوْمِ الدِّينِ لِيُجَازِيَ فِيهِ الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ،
[ ص: 516 ] وَالْمُسِيءَ بِكُفْرَانِهِ، وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ تَرْهِيبٍ فِي أَعْلَى حَاثٍّ عَلَى التَّقْوَى لِلنَّجَاةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الَّتِي تَلِيهَا - وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.