ولما كان ذلك أحد الأسباب في [رده ، ] ذكر في جملة حالية سببا آخر قريبا منه فقال : وحرمنا أي : منعنا بعظمتنا التي لا يتخلف أمرها ، ويتضاءل كل شيء دونها عليه المراضع جمع مرضعة ، وهي ، أي : حكمنا بمنعه من الارتضاع منهن ، استعار التحريم للمنع لأنه منع فيه رحمة; قال من تكترى للرضاع من الأجانب الرازي في اللوامع : تحريم منع لا تحريم شرع.
ولما كان قد ارتضع من أمه من حين ولدته إلى حين إلقائه في اليم ، فلم يستغرق التحريم الزمان الماضي ، أثبت الجار فقال : من قبل أي : قبل أن تأمر أمه أخته بما أمرتها به وبعد إلقائها له ، ليكون ذلك سببا لرده إليها ، فلم يرضع من غيرها فأشفقوا عليه فأتتهم أخته فقالوا لها : هل عندك مرضعة تدلينا عليها لعله يقبل ثديها؟ فقالت أي : فدنت أخته منه بعد نظرها له فقالت لهم لما رأتهم في غاية الاهتمام برضاعه لما عرضوا عليه المراضع فأبى أن يرتضع من واحدة منهن : هل لكم حاجة في أني أدلكم على أهل بيت ولم تقل : [ ص: 250 ] على امرأة ، لتوسع دائرة الظن يكفلونه لكم أي : يأخذونه ويعولونه ويقومون بجميع مصالحه من الرضاع وغيره لأجلكم ، وزادتهم رغبة بقولها : وهم له ناصحون أي : ثابت نصحهم له ، لا يغشونه نوعا من الغش; قال : والنصح ضد الغش ، وهو البغوي فكادت بهذا الكلام تصرح بأن المدلول عليها أمه ، فارتابوا من كلامها فاعتذرت بأنهم يعملون ذلك تقربا إلى [الملك] وتحببا إليه تعززا به ، فظنوا ذلك ، وهذا وأمثاله بيان من تصفية العمل من شوائب الفساد ، فلا يصح أن يكون غيره إلها . الله تعالى لأنه لا يعلم أحد في السماوات والأرض الغيب إلا هو سبحانه