ولما أخبر تعالى بقولهم عطف عليه الإخبار بقول موسى عليه الصلاة والسلام ليوازن السامع بين الكلامين ، ويتبصر بعقله ما الفاسد منهما "فبضدها تتبين الأشياء" هذا على قراءة الجماعة بالواو ، واستأنف جوابا لمن كأنه سأل عن جوابه على قراءة بحذفها ، فإن الموضع موضع بحث عما أجابهم به عند تسميتهم الآيات الباهرات سحرا ، استعظاما لذلك فقال : ابن كثير وقال موسى أي : لما كذبوه وهم الكاذبون ، مشيرا لذي البصر إلى طريق يميزون به الأمرين في سياق مهدد لهم : ربي أي : المحسن إلي بما ترون من تصديقي في كل ما ادعيته بإظهار ما لا تقدرون عليه على قوتكم من الخوارق ، ومنع هذا الظالم العاتي المستكبر من الوصول إلي بسوء أعلم بمن جاء بالضلال ظلما وعدوانا ، فيكون مخذولا لكونه ساحرا فمحرقا مفتريا على الله ، ويكون له سوء الدار ، وأعلم بحاله ، ولكنه قال بمن جاء بالهدى أي : الذي أذن الله فيه ، وهو حق في نفسه من عنده تصويرا لحاله ، وتشويقا إلى أتباعه ومن تكون له لكونه منصورا مؤيدا عاقبة الدار أي : الراحة والسكن والاستقرار مع الأمن والطمأنينة والسرور والظفر [ ص: 294 ] بجميع المطالب في الحالة التي تكون آخر الحالات مني ومنكم ، فيعلم أنه أتى بما يرضي الله وهي وإن كانت حقيقتها ما يتعقب الشيء من خير أو شر ، لكنها لا يراد بها إلا ما يقصد للعاقل حتى تكون له ، وأما عاقبة السوء فهي عليه لا له; ثم علل ذلك بما أجرى الله به عادته; فقال معلما بأن ، إشارة إلى أنه الغالب لكون الله معه ، مؤكدا لما استقر في الأنفس من أن التقوى لا يغلبه الضعيف المخذول هو الكاذب إنه لا يفلح أي : يظفر ويفوز الظالمون أي : الذين يمشون كما يمشي من هو في الظلام بغير دليل ، فهم لا يضعون قدما في موضع يثقون بأنه صالح للمشي فيه ، لا تبعة فيه "فستنظرون ولتعلمن نبأه بعد حين" .