[ ص: 453 ] ولما أشار إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=28857المنكر لأصل الوحي متوغل في الكفر ، دل على ذلك بحال المنزل إليه صلى الله عليه وسلم فقال مسليا له :
nindex.php?page=treesubj&link=32238_34195_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وما أي : أنزلناه إليك والحال أنك ما
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48كنت تتلو أي : تقرأ مواصلا مواظبا في وقت ما.
ولما كان المراد نفي التلاوة عن كثير الزمن الماضي وقليله ، أدخل الجار فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48من قبله أي : هذا الكتاب الذي أنزلناه إليك; وأكد استغراق الكتب فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48من كتاب أصلا
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48ولا تخطه أي : تجدد وتلازم خطه; وصور الخط وأكده بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48بيمينك أي : التي [هي] أقوى الجارحتين ، وعبر بذلك إشارة إلى أنه لا تحدث الريبة في أمره لعاقل إلا بالمواظبة لمثل ذلك مواظبة قوية ينشأ عنها ملكة ، فكيف إذا لم يحصل [أصل الفعل] ، ولذلك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48إذا أي : إذ لو كان شيء من هذه المواظبة في التلاوة أو الخط التي يحصل بها الدربة المورثة للملكة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48لارتاب أي : لساغ أن تكلف أنفسهم [لدخول] في الريب أي : الشك
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48المبطلون أي : هؤلاء الذين ينكرون الوحي إليك من أهل الكتاب ومن
العرب ، ويقولون : هو سجع وكهانة وشعر وأساطير الأولين ، العريقون في وصف الإبطال ، [أي : ] الدخول
[ ص: 454 ] في الباطل ، فكانوا يجدون مطعنا ، فتقول
العرب : لعله أخذه من كتب الأقدمين ، ويقول الكتابيون : المبشر به عندنا أمي ، ولكنه لم يكن شيء من قراءة ولا خط كما هو معروف من حالك فضلا عن المواظبة لشيء منهما ، فلا ريبة في صدقك في نسبته إلى الله تعالى ، وإذا انتفت الريبة من أصلها صح نفي ما عندهم منها ، لأنه [لما] لم يكن لهم في الواقع شبهة ، عدت ريبتهم عدما ، وسموا مبطلين على تقدير هذه الشبهة ، لقيام بقية المعجزات القاطعة بالرسالة ، القاضية بالصدق ، كما قضت بصدق أنبيائهم [مع] أنهم يكتبون ويقرأون ، وكتبهم لم تنزل للإعجاز ، فصح أنهم يلزمهم الاتصاف بالإبطال بالارتياب على كل تقدير من تقديري الكتابة والقراءة وعدمهما ، لأن العمدة على المعجزات.
[ ص: 453 ] وَلَمَّا أَشَارَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28857الْمُنْكِرَ لِأَصِلِ الْوَحْيِ مُتَوَغِّلٌ فِي الْكُفْرِ ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَالِ الْمُنْزَلِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُسَلِّيًا لَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=32238_34195_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَمَا أَيْ : أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ وَالْحَالُ أَنَّكَ مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48كُنْتَ تَتْلُو أَيْ : تَقْرَأُ مُوَاصِلًا مُوَاظِبًا فِي وَقْتٍ مَا.
وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ التِّلَاوَةِ عَنْ كَثِيرِ الزَّمَنِ الْمَاضِي وَقَلِيلِهِ ، أَدْخَلَ الْجَارَّ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48مِنْ قَبْلِهِ أَيْ : هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ; وَأَكَّدَ اسْتِغْرَاقَ الْكُتُبِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48مِنْ كِتَابٍ أَصْلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَلا تَخُطُّهُ أَيْ : تُجَدِّدُ وَتُلَازِمُ خَطَّهُ; وَصَوَّرَ الْخَطَّ وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48بِيَمِينِكَ أَيْ : الَّتِي [هِيَ] أَقْوَى الْجَارِحَتَيْنِ ، وَعَبَّرَ بِذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَا تَحْدُثُ الرِّيبَةُ فِي أَمْرِهِ لِعَاقِلٍ إِلَّا بِالْمُوَاظَبَةِ لِمِثْلِ ذَلِكَ مُوَاظَبَةً قَوِيَّةً يَنْشَأُ عَنْهَا مَلَكَةٌ ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ [أَصْلُ الْفِعْلِ] ، وَلِذَلِكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48إِذًا أَيْ : إِذْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمُوَاظَبَةِ فِي التِّلَاوَةِ أَوِ الْخَطِّ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الدُّرْبَةُ الْمُوَرِّثَةُ لِلْمَلَكَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48لارْتَابَ أَيْ : لَسَاغَ أَنْ تُكَلَّفَ أَنْفُسُهُمْ [لِدُخُولِ] فِي الرَّيْبِ أَيْ : الشَّكِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48الْمُبْطِلُونَ أَيْ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْوَحْيَ إِلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنَ
الْعَرَبِ ، وَيَقُولُونَ : هُوَ سَجْعٌ وَكِهَانَةٌ وَشِعْرٌ وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، الْعَرِيقُونَ فِي وَصْفِ الْإِبْطَالِ ، [أَيْ : ] الدُّخُولِ
[ ص: 454 ] فِي الْبَاطِلِ ، فَكَانُوا يَجِدُونَ مَطْعَنًا ، فَتَقُولُ
الْعَرَبُ : لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كُتُبِ الْأَقْدَمِينَ ، وَيَقُولُ الْكِتَابِيُّونَ : الْمُبَشَّرُ بِهِ عِنْدَنَا أُمِّيٌّ ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ قِرَاءَةٍ وَلَا خَطٍّ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حَالِكَ فَضْلًا عَنِ الْمُوَاظَبَةِ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا ، فَلَا رِيبَةَ فِي صِدْقِكَ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِذَا انْتَفَتِ الرِّيبَةُ مِنْ أَصْلِهَا صَحَّ نَفْيُ مَا عِنْدَهُمْ مِنْهَا ، لِأَنَّهُ [لَمَّا] لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْوَاقِعِ شُبْهَةٌ ، عُدَّتْ رِيبَتُهُمْ عَدَمًا ، وَسُمُّوا مُبْطِلِينَ عَلَى تَقْدِيرِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ ، لِقِيَامِ بَقِيَّةِ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاطِعَةِ بِالرِّسَالَةِ ، الْقَاضِيَةِ بِالصِّدْقِ ، كَمَا قَضَتْ بِصِدْقِ أَنْبِيَائِهِمْ [مَعَ] أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ وَيَقْرَأُونَ ، وَكُتُبُهُمْ لَمْ تَنْزِلْ لِلْإِعْجَازِ ، فَصَحَّ أَنَّهُمْ يَلْزَمُهُمُ الِاتِّصَافُ بِالْإِبْطَالِ بِالِارْتِيَابِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مِنْ تَقْدِيرَيِ الْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَعَدَمِهِمَا ، لِأَنَّ الْعُمْدَةَ عَلَى الْمُعْجِزَاتِ.