ولما ذم الكفرة، وعجب منهم في إنكارهم الساعة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وقال الذين [ ص: 449 ] كفروا لا تأتينا الساعة [و] أقام الدليل على إتيانها، وبين أنه لا يجوز في الحكمة غيره ليحصل العدل والفضل في جزاء أهل الشر وأولي الفضل، عطف على ذلك مدح المؤمنين فقال واصفا لهم بالعلم، إعلاما بأن الذي أورث الكفرة التكذيب الجهل:
nindex.php?page=treesubj&link=18467_19881_28723_34513_29005nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين معبرا بالرؤية والمضارع إشارة [إلى أنهم في عملهم غير شاكين، بل هم كالشاهدين لكل ما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وبالمضارع] إلى تجدد عملهم مترقين في رتبه على الدوام مقابلة لجلافة أولئك في ثباتهم على الباطل الذي أشار إليه الماضي، وأشار إلى أن علمهم لدني بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6أوتوا العلم أي قذفه الله في قلوبهم فصاروا مشاهدين لمضامينه لو كشف الغطاء ما ازدادوا يقينا سواء كانوا ممن أسلم من
العرب أو من أهل الكتاب
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6الذي أنـزل إليك أي كله من أمر الساعة وغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6من ربك أي المحسن إليك بإنزاله، [وأتي بضمير الفصل تفخيما للأمر وتنصيصا على أن ما بعده مفعول "أوتوا" الثاني فقال]:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6هو الحق أي لا غيره من الكلام
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويهدي أي [يجدد على مدى الزمان هداية] من اتبعه
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6إلى صراط أي طريق واضح واسع.
ولما كانت هذه السورة مكية، وكان الكفار فيها مستظهرين
[ ص: 450 ] والمؤمنون قليلين خائفين،
والعرب يذمونهم بمخالفة قومهم ودين آبائهم ونحو ذلك من الخرافات التي حاصلها الاستدلال على الحق المزعوم بالرجال قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6العزيز الحميد أي
nindex.php?page=treesubj&link=28630الذي من سلك طريقه - وهو الإسلام - عز وحمده ربه فحمده كل شيء وإن تمالأ عليه الخلق أجمعون، فإنه سبحانه لا بد أن يتجلى للفصل بين العباد، بالإشقاء والإسعاد على قدر الاستعداد.
وَلَمَّا ذَمَّ الْكَفَرَةَ، وَعَجَّبَ مِنْهُمْ فِي إِنْكَارِهِمُ السَّاعَةَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=3وَقَالَ الَّذِينَ [ ص: 449 ] كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ [وَ] أَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَى إِتْيَانِهَا، وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْحِكْمَةِ غَيْرُهُ لِيَحْصُلَ الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ فِي جَزَاءِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأُولِي الْفَضْلِ، عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ مَدْحَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَاصِفًا لَهُمْ بِالْعِلْمِ، إِعْلَامًا بِأَنَّ الَّذِي أَوْرَثَ الْكَفَرَةَ التَّكْذِيبَ الْجَهْلُ:
nindex.php?page=treesubj&link=18467_19881_28723_34513_29005nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ مُعَبِّرًا بِالرُّؤْيَةِ وَالْمُضَارِعِ إِشَارَةً [إِلَى أَنَّهُمْ فِي عَمَلِهِمْ غَيْرُ شَاكِّينَ، بَلْ هُمْ كَالشَّاهِدِينَ لِكُلِّ مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْمُضَارِعِ] إِلَى تَجَدُّدِ عَمَلِهِمْ مُتَرَقِّينَ فِي رُتَبِهِ عَلَى الدَّوَامِ مُقَابَلَةً لِجَلَافَةِ أُولَئِكَ فِي ثَبَاتِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْمَاضِي، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ عِلْمَهُمْ لَدُنِّيٌّ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6أُوتُوا الْعِلْمَ أَيْ قَذَفَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ فَصَارُوا مُشَاهِدِينَ لِمَضَامِينِهِ لَوْ كَشَفَ الْغِطَاءَ مَا ازْدَادُوا يَقِينًا سَوَاءٌ كَانُوا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ
الْعَرَبِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ أَيْ كُلِّهِ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ وَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6مِنْ رَبِّكَ أَيِ الْمُحْسِنِ إِلَيْكَ بِإِنْزَالِهِ، [وَأُتِيَ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ تَفْخِيمًا لِلْأَمْرِ وَتَنْصِيصًا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ مَفْعُولُ "أُوتُوا" الثَّانِي فَقَالَ]:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6هُوَ الْحَقَّ أَيْ لَا غَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَهْدِي أَيْ [يُجَدِّدُ عَلَى مَدَى الزَّمَانِ هِدَايَةَ] مَنِ اتَّبَعَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6إِلَى صِرَاطِ أَيْ طَرِيقٍ وَاضِحٍ وَاسِعٍ.
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةً، وَكَانَ الْكُفَّارُ فِيهَا مُسْتَظْهِرَيْنِ
[ ص: 450 ] وَالْمُؤْمِنُونَ قَلِيلِينَ خَائِفِينَ،
وَالْعَرَبُ يَذُمُّونَهُمْ بِمُخَالَفَةِ قَوْمِهِمْ وَدِينِ آبَائِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْخُرَافَاتِ الَّتِي حَاصِلُهَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْحَقِّ الْمَزْعُومِ بِالرِّجَالِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ أَيِ
nindex.php?page=treesubj&link=28630الَّذِي مَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ - وَهُوَ الْإِسْلَامُ - عَزَّ وَحَمِدَهُ رَبُّهُ فَحَمِدَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَإِنْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ أَجْمَعُونَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَجَلَّى لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ، بِالْإِشْقَاءِ وَالْإِسْعَادِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْدَادِ.