[ ص: 1 ] ولما كان آخر هذه القصص في الحقيقة إبطال كل ما خالف الإسلام؛ الذي هو معنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إن الدين عند الله الإسلام - وما بعد ذلك إنما جره - ختم الآية بدعوى أن المخالفين من الخاسرين؛ وختم ذلك بأن من مات على الكفر لا يقبل إنفاقه للإنقاذ مما يلحقه من الشدائد؛ لا بدفع لقاهر؛ ولا بتقوية لناصر؛ فتشوفت النفس إلى الوقت الذي يفيد فيه الإنفاق؛ وأي وجوهه أنفع؛ فأرشد إلى ذلك؛ وإلى أن الأحب منه أجدر بالقبول؛ رجوعا إلى ما قرره - سبحانه وتعالى -؛ قبل آية الشهادة بالوحدانية؛ من صفة عباده المنفقين؛ والمستغفرين بالأسحار؛ على وجه أبلغ؛ بقوله:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30497_30503_32470_34290_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لن تنالوا البر ؛ وهو كمال الخير؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92حتى تنفقوا ؛ أي: في وجوه الخير؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92مما تحبون ؛ أي: من كل ما تقتضون؛ كما ترك إسرائيل - عليه الصلاة والسلام - أحب الطعام إليه لله - سبحانه وتعالى.
[ ص: 2 ] ولما كان التقدير: فإن أنفقتم منه؛ علمه الله - سبحانه وتعالى -؛ فأنالكم به البر؛ وإن تيممتم الخبيث الذي تكرهونه؛ فأنفقتموه؛ لم تبروا؛ وكان كل من المحبة والكراهة؛ أمرا خفيا؛ قال - سبحانه وتعالى - مرغبا؛ مرهبا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92وما تنفقوا من شيء ؛ أي: من المحبوب وغيره؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92فإن الله ؛ أي: الذي له الإحاطة الكاملة - وقدم الجار اهتماما به؛ إظهارا لأنه يعلمه من جميع وجوهه؛ كما تقول لمن سألك: "هل تعلم كذا": "لا أعلم إلا هو" - فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92به عليم ؛ فهذا كما ترى احتباك.
[ ص: 1 ] وَلَمَا كَانَ آخِرُ هَذِهِ الْقِصَصِ فِي الْحَقِيقَةِ إِبْطَالَ كُلِّ مَا خَالَفَ الْإِسْلَامَ؛ الَّذِي هُوَ مَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ - وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا جَرُّهُ - خَتَمَ الْآيَةَ بِدَعْوَى أَنَّ الْمُخَالِفِينَ مِنَ الْخَاسِرِينَ؛ وَخَتَمَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يُقْبَلُ إِنْفَاقُهُ لِلْإِنْقَاذِ مِمَّا يَلْحَقُهُ مِنَ الشَّدَائِدِ؛ لَا بِدَفْعٍ لِقَاهِرٍ؛ وَلَا بِتَقْوِيَةٍ لِنَاصِرٍ؛ فَتَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُفِيدُ فِيهِ الْإِنْفَاقُ؛ وَأَيِّ وُجُوهِهِ أَنْفَعُ؛ فَأُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ؛ وَإِلَى أَنَّ الْأَحَبَّ مِنْهُ أَجْدَرُ بِالْقَبُولِ؛ رُجُوعًا إِلَى مَا قَرَّرَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -؛ قَبْلَ آيَةِ الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ؛ مِنْ صِفَةِ عِبَادِهِ الْمُنْفِقِينَ؛ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ؛ عَلَى وَجْهٍ أَبْلَغَ؛ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30497_30503_32470_34290_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ ؛ وَهُوَ كَمَالُ الْخَيْرِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92حَتَّى تُنْفِقُوا ؛ أَيْ: فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92مِمَّا تُحِبُّونَ ؛ أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا تَقْتَضُّونَ؛ كَمَا تَرَكَ إِسْرَائِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
[ ص: 2 ] وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ: فَإِنْ أَنْفَقْتُمْ مِنْهُ؛ عَلِمَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -؛ فَأَنَالَكُمْ بِهِ الْبِرَّ؛ وَإِنْ تَيَمَّمْتُمُ الْخَبِيثَ الَّذِي تَكْرَهُونَهُ؛ فَأَنْفَقْتُمُوهُ؛ لَمْ تَبَرُّوا؛ وَكَانَ كُلٌّ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْكَرَاهَةِ؛ أَمْرًا خَفِيًّا؛ قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مُرَغِّبًا؛ مُرَهِّبًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ ؛ أَيْ: مِنَ الْمَحْبُوبِ وَغَيْرِهِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92فَإِنَّ اللَّهَ ؛ أَيْ: الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ الْكَامِلَةُ - وَقَدَّمَ الْجَارَّ اهْتِمَامًا بِهِ؛ إِظْهَارًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُهُ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ؛ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ سَأَلَكَ: "هَلْ تَعْلَمُ كَذَا": "لَا أَعْلَمُ إِلَّا هُوَ" - فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92بِهِ عَلِيمٌ ؛ فَهَذَا كَمَا تَرَى احْتِبَاكٌ.