ولما كان الجواب قطعا: لا سبيل إلى ذلك، علله بقوله: ذلكم أي القضاء النافذ العظيم العالي بتخليدكم في النار مقتا منه لكم بأنه أي كان بسبب أنه إذا دعي الله أي وجدت ولو مرة واحدة دعوة الملك الأعظم من أي داع كان وحده أي محكوما له بالوحدة أو منفردا من غير شريك كفرتم أي هذا طبعكم دائما رجعتم إلى الدنيا أولا وإن يشرك به أي يوقع الإشراك به ويجدد ولو بعدد الأنفاس من أي مشرك كان تؤمنوا أي بالشركاء وتجددوا ذلك غير متحاشين ومن تجديد الكفر وهذا مفهم لأن [ ص: 20 ] الدال عليه توفيقه له في أنه إذا ذكر الله وحده آمن، وإن ذكر معه غيره على طريقة تؤل إلى الشركة كفر بذلك الغير وجعل الأمر لله وحده حب الله للإنسان أكبر من حبه له فالحكم أي فتسبب عن القطع بأن لا رجعة، وأن الكفار ما ضروا إلا أنفسهم مع ادعائهم العقول الراجحة ونفوذ ذلك أن كل حكم لله أي المحيط بصفات الكمال خاص به لا دخل للعوائد في أحكامه بل مهما شاء فعل إجراء على العوائد أو خرقا لها العلي أي وحده عن أن يكون له شريك، فكذب قول يوم أحد "اعل هبل" وقول أبي سفيان ابن عربي أحد أتباع فرعون أكذب وأقبح وأبطل حيث قال: العلي علا عن من وما ثم إلا هو، فعليه الخزي واللعنة وعلى من قال بقوله وعلى من توقف في لعنه.
ولما كانت النفوس لا تنقاد غاية الانقياد للحاكم إلا مع العظمة الزائدة والقدم في المجد، قال معبرا بما يجمع العظمة والقدم: الكبير الذي لا يليق الكبر إلا له، وكبر كل متكبر وكبر كل كبير متضائل تحت دائرة كبره وكبره، وعذابه مناسب لكبريائه فما أسفه من شقي بالكبراء فإنهم يلجئون أنفسهم إلى أن يقولوا ما لا يجديهم ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا