ولما كان - صلى الله عليه وسلم - حريصا على طلب الإدالة عليهم؛ ليمثل بهم؛ كما مثلوا بعمه حمزة؛ وعدة من أصحابه - رضي الله عنهم - قال (تعالى): ليس لك من الأمر ؛ أي: فيهم؛ ولا غيرهم؛ شيء ؛ موسطا له بين المتعاطفات؛ يعني: من الإدالة عليهم؛ بقتل؛ أو هزيمة؛ تدرك بهما ما تريد؛ بل الأمر له كله؛ إن أراد فعل بهم ما تريد؛ وإن أراد منعك منه بالتوبة عليهم؛ أو إماتتهم على الكفر؛ حتف الأنف؛ فيتولى هو عذابهم؛ وذلك معنى قوله: أو يتوب عليهم ؛ أي: كلهم؛ بما يكشف عن قلوبهم من حجاب الغفلة؛ فيرجعوا عما هم عليه من الظلم؛ أو يعذبهم ؛ كلهم؛ بأيديكم؛ بأن تستأصلوهم؛ فلا يفلت منهم أحد؛ أو يعذبهم هو من [ ص: 61 ] غير واسطتكم؛ بما يستدرجهم به؛ مما يوجب إصرارهم حتى يموتوا على الكفر؛ مع النصر عليكم وغيره؛ مما هو لهم في صورة النعم؛ الموجب لزيادة عقابهم؛ ثم علل الأقسام الأربعة بقوله: فإنهم ظالمون ؛ وفي "المغازي"؛ من صحيح معلقا عن البخاري؛ قال: "سمعت حنظلة بن أبي سفيان سالم بن عبد الله قال: صفوان بن أمية؛ وسهيل بن عمرو؛ فنزلت: والحارث بن هشام؛ ليس لك من الأمر شيء ؛ إلى قوله: ظالمون "؛ ورواه موصولا في "المغازي"؛ و"التفسير"؛ و"الاعتصام"؛ عن "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على سالم؛ عن أبيه؛ بغير هذا اللفظ؛ وفيه: "اللهم العن فلانا؛ وفلانا".