نون الهوان من الهوى مسروقة وأسير كل هوى أسير هوان
وقال آخر ولم يخطئ المعنى وأجاد:إن الهوى لهو الهوان بعينه فإذا هويت فقد لقيت هوانا
ولما كان الضال أحوج إلى سماع صوت الهادي منه إلى غيره، وكان من لا ينتفع بما هو له في حكم العادم له قال: وختم أي: زيادة [ ص: 97 ] على الإضلال الحاضر على سمعه فلا فهم له في الآيات المسموعة. ولما كان قد يفهم بالإشارة قال: الأصم وقلبه أي: فهو لا يعي ما من حقه وعيه. ولما كان المجنون قد يبصر مضاره ومنافعه فيباشرها مباشرة البهائم قال: الأصم وجعل على بصره غشاوة فصار لا يبصر الآيات المرئية، وترتيبها هكذا لأنها في سياق الإضلال كما تقدم في البقرة.
ولما صار هذا الإنسان الذي [صار] لا يسمع الهادي فيقصده ولا يعي المعاني لينتفع بما تقدم له علمه، ولا يبصر حق البصر ليهتدي ببصره دون رتبة الحيوان، قال تعالى منكرا مسببا للإنكار عما تقدمه: فمن يهديه وأشار إلى قدرة الله عليه بقوله: من بعد الله أي: إضلال الذي له الإحاطة بكل شيء. ولما كان من المعلوم قطعا أنه لا هادي له غيره، سبب عنه الإنكار لعدم التذكر حثا على التذكر فقال مشيرا بإدغام تاء التفعل إلى عدم الاحتياج بسبب وضوحه إلى كثير [ ص: 98 ] تذكر: أفلا تذكرون أي: يكون لكم نوع تذكر فتذكرون أنهم لا يسمعون الآيات المتلوة ولا يعتبرون بالآيات المرئية مع ما لكل منهما من الظهور، وأن من كان هذا حاله فلا سبيل لمخلوق مثله إلى هدايته.