ولما كانت هذه السورة متضمنة لكثير من الدقائق التي أخفوها من كتابهم الذي جعلوه قراطيس؛ يبدونها؛ ويخفون كثيرا؛ وفي هذه الآية بخصوصها؛ من ذلك ما يقتضي تصديقه - صلى الله عليه وسلم - وكان - سبحانه - عالما بأن أكثرهم يعاندون؛ سبب عن ذلك أن سلاه في تكذيب المكذبين منهم؛ بقوله: فإن كذبوك ؛ فكان كأنه قيل: هذا الذي أعلمتك به يوجب تصديقك؛ فإن لم يفعلوا؛ بل كذبوا؛ فقد ؛ ولما كان السياق لإثبات مبالغتهم في الغلظة؛ والجفاء؛ [ ص: 144 ] والكفر؛ وعدم الوفاء؛ وكانت السورة سورة التوحيد؛ والرسل متفقون عليه؛ وقد أتى كل منهم فيه بأنهى البيان؛ وأزال كل لبس؛ أسقط تاء التأنيث؛ لأنها ربما دلت على نوع ضعف؛ فقال: كذب رسل ؛ ولما كانت تسلية الإنسان بمن قاربه في الزمان أشد؛ أثبث الجار؛ فقال: من قبلك ؛ أي: فلك فيهم مسلاة؛ وبهم أسوة؛ جاءوا بالبينات ؛ أي: من المعجزات؛ والزبر ؛ أي: من الصحف المضمنة للمواعظ؛ والحكم الزواجر؛ والرقائق التي يزبر العالم بها عن المساوي؛ والكتاب المنير ؛ أي: الجامع للأحكام؛ وغيرها؛ الموضح لأنه الصراط المستقيم.