ولما أخبر - سبحانه وتعالى - بأنهم احتووا على المال؛ والجاه؛ بما كتموا من العلم؛ وأظهروا من خلافه المتضمن لمحبة أهل دينهم فيهم؛ وثنائهم عليهم بأنهم على الدين الصحيح؛ وأنهم أهل العلم؛ فهم أهل الاقتداء بهم; قال - سبحانه وتعالى - مخبرا عن مآلهم؛ تحذيرا من مثل حالهم؛ على وجه يعم كل امرئ: لا تحسبن ؛ على قراءة الجماعة؛ بالغيب؛ الذين يفرحون بما أتوا ؛ أي: مما يخالف ظاهره باطنه؛ وتوصلوا به إلى الأغراض الدنيوية؛ من الأموال والرئاسة؛ وغير ذلك؛ أي: لا يحسبن أنفسهم؛ وفي قراءة الكوفيين؛ ويعقوب؛ بالخطاب؛ المعنى: لا تحسبنهم أيها الناظر لمكرهم؛ ورواجهم بسببه؛ في الدنيا؛ واصلين إلى خير؛ ويحبون أن يحمدوا ؛ أي: يوجد الثناء بالوصف الجميل عليهم؛ بما لم يفعلوا ؛ أي: بذلك الباطن الذي لم يفعلوه؛ قال في السيرة: "أن يقول الناس: "علماء"؛ وليسوا بأهل علم؛ لم يتحملوهم على هدى؛ ولا حق". ابن هشام؛
ولما تسبب عن ذلك العلم بهلاكهم؛ قال: فلا تحسبنهم ؛ أي: تحسبن أنفسهم؛ على قراءة ابن كثير؛ بالغيب؛ وضم الباء؛ [ ص: 154 ] وعلى قراءة الجماعة المعنى: لا تحسبنهم؛ أيها الناظر؛ وأبي عمرو؛ بمفازة من العذاب ؛ بل هم بمهلكة منه؛ ولهم عذاب أليم