ولما ثبت وكان من المعلوم أن أكثر أفعال العباد مما لا يرضيه، فلولا حلمه ما قدروا على ذلك، وكان عفو القادر مستحسنا، قال مبينا لأنه أهل [للرهبة -] والرغبة: أنه سبحانه الفعال لما يريد وأنه لا فعل لغيره بدون مشيئته، هو أي وحده أهل التقوى أي أن يتقوه عباده ويحذروا غضبه بكل ما تصل قدرتهم إليه لما له من الجلال [و -] العظمة والقهر، ويجوز أن يكون الضمير للمتقي وأهل المغفرة [ ص: 81 ] أي لأن يطلب غفرانه للذنوب لا سيما إذا اتقاه المذنب لأن له الجمال واللطف وهو قادر ولا قدرة لغيره ولا ينفعه شيء ولا يضره شيء، فهو الحقيق بأن يجعل موضع الإنذار الذي أمر به أول السورة البشارة، ويوفق عباده لتكبيره وهجران الرجز، وكذا فعل سبحانه بقوم هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة في الأوسط والطبراني والحاكم وأبو يعلى والبغوي عن والبزار رضي الله عنه أنس وقال عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قرأ هذه الآية ثم قال: يقول الله: أنا أهل أن أتقى، فمن اتقى أن يشرك بي غيري فإن أهل [أن -] أغفر له" الترمذي وابن عدي تفرد به والطبراني: سهل بن [أبي -] حزم القطعي، فقد رجع آخر السورة على أولها، وانطبق مفصلها على موصلها، بضم البشارة إلى النذارة، وصار كأنه قيل: أنذر العاصي فإنه أهل لأن يرجع إلى طاعاته، فيكون سبحانه أهلا لأن يعود عليه بستر زلاته.