ولما ذكر هذين الوصفين الدالين على الكمالين، بالجلال، دل عليهما تقريرا لهما بإفاضة الجود في التربية بوصف الجمال بالإكرام لئلا يعتقد الإنسان بما له من الطغيان أنه حر مالك لنفسه يفعل ما يشاء فقال: الذي خلقك [ أي أوجدك - ] من العدم مهيئا لتقدير الأعضاء فسواك عقب تلك الأطوار بتصوير الأعضاء والمنافع بالفعل فعدلك أي جعل كل شيء من ذلك سليما مودعا فيه قوة المنافع التي خلقه الله لها، وعدل المزاج حتى قبل الصورة، والتعديل جعل البنية [ ص: 304 ] متناسبة الخلقة، وكذا العدل في قراءة الكوفيين بالتخفيف [أي - ] فأمالك عن تشويه الخلقة وتقبيح الصورة، وجعلك معتدلا في صورتك، وكل هذا يقتضي غاية الشكر والخوف منه إن عصى، لأنه كما قدر على التسوية يقدر على التشويه وغيره من العذاب.