ولما كان أعظم الأعمال المزكية الذكر والصلاة قال تعالى: وذكر أي بالقلب واللسان ذكر وذكر - بالكسر والضم اسم ربه أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها، وإذا ذكر اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى فصلى أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال، ومن فعل ذلك استراح من الموجبة لسوء الانقلاب، وكان متخلقا بما ذكر من أخلاق الله في أول السورة من التخلي عن النقائص بالتزكية، والتحلي بالكمالات بالذكر والصلاة لأنه لعظمته لا يتأهل لذكره إلا من واظب إلى [ذكر - ] اسمه فلا يشقى فلا يصلى النار الكبرى بوعد لا خلف فيه - فالآية من الاحتباك في [ ص: 404 ] الاحتباك: ذكر أولا الصلى دليلا على حذف ضده ثانيا، وثانيا التزكية دليلا على حذف ضدها أولا، وقد تكفل ذكر التزكية والذكر، والصلاة من أسباب التداوي بالإنضاج ثم الأشربة ثم الأغذية، والآية صالحة لإرادة زكاة الفطر وتكبيرات العيد وصلاته وإن كانت السورة مكية وفرض الصيام داء الإعجاب وما يتبعه من النقائص بالمدينة، لأن العبرة بعموم اللفظ لإحاطة علمه سبحانه وتعالى بالماضي والحال والاستقبال على حد سواء; قال الرازي في اللوامع: وتقدم زكاة الفطر على صلاة العيد، وكان رضي الله تعالى عنه يقول: رحم الله امرأ تصدق ثم صلى - ثم يقرأ هذه الآية، وإن كانت السورة مكية، فإنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال تعالى: ابن مسعود وأنت حل بهذا البلد والسورة مكية، وظهر أثر الحل يوم الفتح - انتهى، وأخذه من وزاد البغوي، أن البغوي رضي الله عنهما كان يأمر ابن عمر رضي الله عنه بنحو ما قال نافعا رضي الله عنه، ويقول: إنما نزلت هذه الآية في هذا. وروى ابن مسعود "عن البزار: رضي الله تعالى عنه عوف بن مالك الأشجعي ويتلو هذه الآية" أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد وفي السند عن النبي صلى الله عليه وسلم كثير بن [ ص: 405 ] عبد الله - حسن له وضعفه غيره - والله أعلم. الترمذي