ولما كان ما نفى عن النبي صلى الله عليه وسلم [لا يدخل فيه الماضي، وكان عدم المشاركة بوجه من الوجوه في زمن من الأزمان أدل على البراءة وأقعد في دوام الاستهانة، وكانوا يعدون سكوته صلى الله عليه وسلم عنهم -] فيما قبل النبوة عبادة، وكانوا غير مقتصرين على عبادة أصنامهم التي اتخذوها، بل إذا خرجوا من الحرم فنزلوا منزلا نظروا لهم حجرا ليستحسنوه فيعبدونه، فإن لم يروا حجرا جمعوا شيئا من تراب وحلبوا عليه شيئا من لبن وعبدوه ما داموا في ذلك المنزل، وكان ذلك من أشد ما يعاب به من جهة عدم الشباب وأنه لا معبود [ ص: 307 ] لهم معين، قال منبها على ذلك كله: ولا أنا عابد أي متصف بعبادة ما عبدتم أي فيما سلف، لم يصح وصفي قط بعبادة ذلك من أول زمانكم إلى ساعاتنا هذه، فكيف ترجون ذلك مني وأنا لم أفعله ولا قبل النبوة ولا كان من شأني قط.