وأما على الثاني وهو تعلقه بـ "سامرا" فيجوز أن يكون الضمير عائدا على ما عاد عليه فيما تقدم، إلا النكوص لأنهم كانوا يسمرون بالقرآن وبالرسول أي: يجعلونهما حديثا لهم يخوضون في ذلك كما يسمر بالأحاديث، وكانوا يسمرون في البيت، فالباء ظرفية على هذا، و "سامرا" [658/ب] نصب على الحال: إما من فاعل "تنكصون"، وإما من الضمير في "مستكبرين".
وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو حيوة - وتروى عن "سمرا" بضم الفاء وفتح العين مشددة. أبي عمرو- وزيد بن علي وأبو رجاء أيضا "سمارا" كذلك، إلا أنه بزيادة ألف بين الميم والراء، وكلاهما جمع لـ "سامر". وهما جمعان مقيسان لـ "فاعل" الصفة نحو: ضرب وضراب في ضارب. والأفصح الإفراد; لأنه يقع على ما فوق الواحد بلفظ الإفراد تقول: قوم سامر. والسامر مأخوذ من السمر وهو سهر الليل، مأخوذ من السمر وهو ما يقع على الشجر من ضوء القمر، فيجلسون إليه يتحدثون مستأنسين به. قال الشاعر: وابن عباس
[ ص: 359 ]
3422 - كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر
وقال "السامر: الليل المظلم، ولا آتيك ما سمر ابنا سمير، يعنون الليل والنهار. والسمرة: أحد الألوان، والسمراء: كني بها عن الحنطة". الراغب:
قوله: "تهجرون" قرأ العامة بفتح التاء وضم الجيم، وهي تحتمل وجهين، أحدهما: أنها من الهجر بسكون الجيم، وهو القطع والصد، أي: تهجرون آيات الله ورسوله وتزهدون فيهما، فلا تصلونهما. الثاني: أنها من الهجر بفتحها وهو الهذيان. يقال: هجر المريض هجرا أي هذى فلا مفعول له. ونافع وابن محيصن بضم التاء وكسر الجيم من أهجر إهجارا أي: أفحش في منطقه. قال "يعني سب الصحابة". ابن عباس: زيد بن علي وابن محيصن وأبو نهيك بضم التاء وفتح الهاء وكسر الجيم مشددة مضارع هجر بالتشديد. وهو محتمل لأن يكون تضعيفا للهجر أو الهجر أو الهجر. وقرأ كالعامة، إلا أنه بالياء من تحت وهو التفات. ابن أبي عاصم