يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير
قوله تعالى: إذا لقيتم الذين كفروا زحفا الزحف: جماعة يزحفون إلى عدوهم; قاله الليث . والتزاحف: التداني والتقارب ، قال الأعشى:
لمن الظعائن سيرهن تزحف
قال : ومعنى الكلام: إذا واقفتموهم للقتال فلا تدبروا (ومن يولهم) يوم حربهم (دبره) إلا أن يتحرف ليقاتل ، أو يتحيز إلى فئة; ف "متحرفا" و"متحيزا" منصوبان على الحال . ويجوز أن يكون نصبهما على الاستثناء; فيكون المعنى: إلا رجلا متحرفا أو متحيزا وأصل متحيز: متحيوز; فأدغمت الياء في الواو . الزجاج
قوله تعالى: ومأواه جهنم أي: مرجعه إليها; ولا يدل ذلك على التخليد .
فصل
اختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال قوم: هذه خاصة في أهل بدر ، وهو مروي عن ابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، والحسن ، وابن جبير ، وقتادة ، وقال آخرون: هي على عمومها في كل منهزم; وهذا مروي عن والضحاك . أيضا . وقال آخرون هي على عمومها ، غير أنها نسخت بقوله: ابن عباس فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين [الأنفال:66] فليس للمسلمين أن يفروا من مثليهم ، وبه قال [ ص: 332 ] وروى عطاء بن أبي رباح . أبو طالب عن أنه سئل عن أحمد ، فقال: لا يفر رجل من رجلين; فإن كانوا ثلاثة ، فلا بأس . وقد نقل نحو هذا عن الفرار من الزحف وقال ابن عباس . محمد بن الحسن: إذا بلغ الجيش اثني عشر ألفا ، فليس لهم أن يفروا من عدوهم ، وإن كثر عددهم . ونقل نحو هذا عن ووجهه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مالك; "ما هزم قوم إذا بلغوا اثني عشر ألفا من قلة" إذا صبروا وصدقوا .