كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين
[ ص: 400 ] قوله تعالى: كيف يكون للمشركين عهد أي: لا يكون لهم ذلك ، إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام وفيهم ثلاثة أقوال .
أحدها: أنهم بنو ضمرة ، قاله ابن عباس .
والثاني: أنهم قريش ، قاله أيضا . وقال ابن عباس هم مشركو قتادة: قريش الذين عاهدهم نبي الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ، فنكثوا وظاهروا المشركين .
والثالث: أنهم خزاعة ، قاله وذكر أهل العلم بالسير مجاهد . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صالح في غزوة سهيل بن عمرو الحديبية ، كتب بينه وبينه: "هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه لا إسلال ولا إغلال ، وأن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه من أحب أن يدخل في عهد وسهيل بن عمرو ، محمد وعقده فعل ، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل ، وأنه من أتى محمدا منهم بغير إذن وليه رده إليه ، وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه ، وأن محمدا يرجع عنا عامه هذا بأصحابه ويدخل علينا في قابل في أصحابه ، فيقيم بها ثلاثا لا يدخل علينا بسلاح ، إلا سلاح المسافر ، السيوف في القرب" فوثبت خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عهد محمد وعقده ، ووثبت بنو بكر فقالوا: نحن ندخل في عهد قريش وعقدها . ثم إن قريشا أعانت بني بكر على خزاعة بالرجال والسلاح فبيتوا خزاعة ليلا ، فقتلوا منهم عشرين رجلا . ثم إن قريشا ندمت على ما صنعت ، وعلموا أن هذا نقض للعهد والمدة التي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج قوم من خزاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما أصابهم ، فخرج إليهم وكانت غزاة الفتح .
قال الإسلال: السرقة ، والإغلال: الخيانة . أبو عبيدة:
قال وقوله: "وأن بيننا عيبة مكفوفة" مثل ، أراد: أن صلحنا [ ص: 401 ] محكم مستوثق منه ، كأنه عيبة مشرجة . وزعم بعض المفسرين أن قوله: ابن الأعرابي: إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام نسخ بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة:5] .