قوله تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم
سبب نزولها أن دعا ابني أخيه عبد الله بن سلام مهاجرا وسلمة إلى الإسلام ، فأسلم سلمة ، ورغب عن الإسلام مهاجر ، فنزلت هذه الآية ، قاله قال مقاتل . و "من" لفظها لفظ الاستفهام ، ومعناها التقرير والتوبيخ . والمعنى: ما يرغب عن ملة الزجاج: إبراهيم إلا من سفه نفسه . ويقال: رغبت في الشيء: إذا أردته . ورغبت عنه: إذا تركته . وملة إبراهيم: دينه .
قوله تعالى: إلا من سفه نفسه فيه أربعة أقوال . أحدها: أن معناه: إلا من سفه نفسه ، قاله الأخفش ويونس . قال يونس: ولذلك تعدى إلى النفس فنصبها ، وقال نصبت النفس لإسقاط حرف الجر ، لأن المعنى: إلا من سفه في نفسه . الأخفش:
[ ص: 148 ] قال الشاعر:
نغالي اللحم للأضياف نيئا ونرخصه إذا نضج القدور
والثاني: إلا من أهلك نفسه ، قاله والثالث: إلا من سفهت نفسه ، كما يقال: غبن فلان رأيه ، وهذا مذهب أبو عبيدة . الفراء قال وابن قتيبة . نقل الفعل عن النفس إلى ضمير "من" ونصبت النفس على التشبيه بالتفسير ، كما يقال: ضقت بالأمر ذرعا ، يريدون: ضاق ذرعي به ، ومثله: الفراء: واشتعل الرأس شيبا [ مريم: 4 ] . والرابع: إلا من جهل نفسه ، فلم يفكر فيها ، وهو اختيار الزجاج .
قوله تعالى: وإنه في الآخرة لمن الصالحين قال لمن الصالحي الحال عند الله تعالى . وقال ابن الأنباري: الصالح في الآخرة: الفائز . الزجاج:
قوله تعالى: إذ قال له ربه أسلم وذلك حين وقوع الاصطفاء ، قال لما رأى الكوكب والقمر والشمس ، قال له ربه أسلم ، أي: أخلص . ابن عباس:
قوله تعالى: (ووصى) قرأ وأهل ابن عباس المدينة: (وأوصى) بألف ، مع تخفيف الصاد ، والباقون بغير ألف مشددة الصاد ، وهذا لاختلاف المصاحف . أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا ثابت ، قال: أخبرنا ابن قشيش ، قال: أخبرنا قال: حدثنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا ابن الأنباري ، قال: أملى علي ثعلب ، خلف بن هشام البزار قال: اختلف مصحفا أهل المدينة وأهل العراق في اثني عشر حرفا: كتب أهل المدينة: (وأوصى) وأهل العراق: (ووصى) وكتب أهل المدينة: سارعوا إلى مغفرة من ربكم [ آل عمران: 133 ] . بغير واو ، وأهل العراق: (وسارعوا) وكتب أهل المدينة: يقول الذين آمنوا [ المائدة: 56 ] . وأهل العراق: (ويقول) وكتب أهل المدينة: من يرتدد [ المائدة: 57 ] . وأهل العراق: (من يرتد) وكتب أهل المدينة: الذين اتخذوا مسجدا [ التوبة: 108 ] . وأهل العراق: (والذين) وكتب أهل المدينة: خيرا منهما منقلبا [ الكهف: 37 ] . وأهل [ ص: 149 ] العراق (منها) وكتب أهل المدينة: فتوكل على العزيز الرحيم [ الشعراء: 217 ] . وأهل العراق: (وتوكل) وكتب أهل المدينة: وأن يظهر في الأرض الفساد [ المؤمن: 26 ] . وأهل العراق: (أو أن يظهر) وكتب أهل المدينة في "حم عسق": (بما كسبت أيديكم) بغير فاء ، وأهل العراق: (فبما) وكتب أهل المدينة ما تشتهيه الأنف [ الزخرف: 71 ] . بالهاء . وأهل العراق: (ما تشتهي) وكتب أهل المدينة: فإن الله الغني الحميد [ الحديد: 26 ] وأهل العراق: (إن الله هو الغني الحميد) وكتب أهل المدينة: فلا يخاف عقباها [ الشمس: 15 ] . وأهل العراق: (ولا يخاف) .
ووصى أبلغ من أوصى ، لأنها تكون لمرات كثيرة ، وهاء "بها" تعود على المسألة . قاله عكرمة قال والزجاج . وبنوه أربعة: مقاتل: إسماعيل ، وإسحاق ، ومدين ، ومدائن . وذكر غير أنهم ثمانية . مقاتل
قوله تعالى: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون يريد: الزموا الإسلام ، فإذا أدرككم الموت صادفكم عليه .