وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما . والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما . إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
[ ص: 101 ] قوله تعالى: وعباد الرحمن الذين يمشون وقرأ علي ، ، وأبو عبد الرحمن السلمي وابن السميفع : " يمشون " برفع الياء وفتح الميم والشين وبالتشديد .
وقال : إنما نسبهم إليه لاصطفائه إياهم كقوله : ابن قتيبة ناقة الله [الأعراف : 73] ، ومعنى " هونا " مشيا رويدا ، ومنه يقال : أحبب حبيبك هونا ما . وقال : يمشون بالوقار والسكينة . مجاهد وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما أي : سدادا . وقال : لا يجهلون على أحد ، وإن جهل عليهم حلموا . وقال الحسن : " مقاتل بن حيان قالوا سلاما " أي : قولا يسلمون فيه من الإثم . وهذه الآية محكمة عند الأكثرين . وزعم قوم أن المراد بها أنهم يقولون للكفار : ليس بيننا وبينكم غير السلام ، ثم نسخت بآية السيف .
[ ص: 102 ] قوله تعالى: والذين يبيتون لربهم قال : كل من أدركه الليل فقد بات ، نام أو لم ينم ; يقال : بات فلان قلقا ، إنما المبيت إدراك الليل . الزجاج
قوله تعالى: كان غراما فيه خمسة أقوال متقارب معانيها .
أحدها : دائما ، رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثاني : موجعا ، رواه أبو سعيد الخدري عن الضحاك . والثالث : ملحا ، قاله ابن عباس ; وقال ابن السائب : لا يفارق . والرابع : هلاكا ، قاله ابن جريج . والخامس : أن الغرام في اللغة : أشد العذاب ، قال الشاعر : أبو عبيدة
ويوم النسار ويوم الجفا ر كانا عذابا وكانا غراما
قاله . الزجاج
قوله تعالى: ساءت مستقرا أي : بئس موضع الاستقرار وموضع الإقامة هي .
قوله تعالى: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وقرأ ، ابن كثير : " يقتروا " مفتوحة الياء مكسورة التاء وقرأ وأبو عمرو ، عاصم ، وحمزة : " يقتروا " بفتح الياء وضم التاء . وقرأ والكسائي ، نافع : " يقتروا " بضم الياء وكسر التاء . وابن عامر
وفي معنى الكلام قولان .
أحدهما : أن الإسراف : مجاوزة الحد في النفقة ، والإقتار : التقصير عما لا بد [ ص: 103 ] منه ، ويدل على هذا قول عمر بن الخطاب : كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى .
والثاني : [أن] الإسراف : الإنفاق في معصية الله وإن قل ، والإقتار : منع حق الله تعالى ، قاله ، ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة في آخرين . وابن جريج
قوله تعالى: وكان يعني الإنفاق بين ذلك أي : بين الإسراف والإقتار قواما أي : عدلا ; قال : القوام ، بفتح القاف : الاستقامة والعدل ، وبكسرها : ما يدوم عليه الأمر ويستقر . ثعلب