[ ص: 281 ] يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون . كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين . الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم
قوله تعالى: يا عبادي الذين آمنوا قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، " يا عبادي " بتحريك الياء . وقرأ وابن عامر: أبو عمرو، وحمزة، بإسكانها . والكسائي:
قوله تعالى: إن أرضي واسعة وقرأ وحده: " أرضي " بفتح الياء . وفيه ثلاثة أقوال . ابن عامر
أحدها: أنه خطاب لمن [آمن] من أهل مكة، قيل لهم: " إن أرضي " يعني المدينة " واسعة " ، فلا تجاوروا الظلمة في أرض مكة، قاله عن أبو صالح وكذلك قال ابن عباس; نزلت في ضعفاء مسلمي مقاتل: مكة، [أي]: إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان، فأرض المدينة واسعة .
والثاني: أن المعنى: إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها، رواه عن سعيد بن جبير وبه قال ابن عباس، عطاء .
والثالث : إن رزقي لكم واسع، قاله مطرف بن عبد الله .
قوله تعالى: فإياي فاعبدون أثبت فيها الياء يعقوب في الحالين، وحذفها الباقون . قال أمرهم بالهجرة من الموضع الذي لا يمكنهم فيه عبادة الله إلى حيث تتهيأ لهم العبادة; ثم خوفهم بالموت لتهون عليهم الهجرة، فقال: الزجاج: كل نفس ذائقة الموت المعنى: فلا تقيموا في دار الشرك خوفا من الموت ثم [ ص: 282 ] إلينا ترجعون بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم، والأكثرون قرؤوا: " ترجعون " بالتاء على الخطاب; وقرأ أبو بكر عن بالياء . عاصم
قوله تعالى: لنبوئنهم [قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، ، وأبو عمرو " لنبوئنهم " بالباء] أي: لننزلنهم . وقرأ وابن عامر: حمزة، [وخلف]: " لنثوينهم " بالثاء، [وهو] من: ثويت بالمكان: إذا أقمت به قال والكسائي، [يقال]: ثوى الرجل: إذا أقام، وأثويته: إذا أنزلته منزلا يقيم فيه . الزجاج:
قوله تعالى: وكأين من دابة لا تحمل رزقها قال ابن عباس: لما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج إلى المدينة، قالوا: يا رسول الله، نخرج إلى المدينة وليس لنا بها عقار ولا مال؟! فمن يؤوينا ويطعمنا؟ فنزلت هذه الآية . قال : ومعنى الآية: كم من دابة لا ترفع شيئا لغد، قال ابن قتيبة ليس يخبأ إلا الإنسان والفأرة والنملة . [ ص: 283 ] قال المفسرون: وقوله: ابن عيينة: الله يرزقها أي: حيثما توجهت وإياكم أي: ويرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة وهو السميع لقولكم: لا نجد ما ننفق بالمدينة العليم بما في قلوبكم .