وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون . فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون .
قوله تعالى: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب والمعنى: وما الحياة في هذه الدنيا إلا غرور ينقضي عن قليل وإن الدار الآخرة يعني الجنة لهي الحيوان قال اللام في " لهي " زائدة للتوكيد، والحيوان والحياة واحد; والمعنى: لهي دار الحياة التي لا موت فيها، ولا تنغيص [ ص: 284 ] يشوبها كما يشوب الحياة الدنيا أبو عبيدة: لو كانوا يعلمون أي: لو علموا لرغبوا عن الفاني في الباقي، ولكنهم لا يعلمون .
قوله تعالى: فإذا ركبوا في الفلك يعني المشركين دعوا الله مخلصين له الدين أي: أفردوه بالدعاء . قال والدين بمعنى التوحيد; والمعنى أنهم لا يدعون من يدعونه شريكا له مقاتل فلما نجاهم أي: خلصهم من أهوال البحر، وأفضوا إلى البر إذا هم يشركون في البر، وهذا إخبار عن عنادهم ليكفروا بما آتيناهم هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله: اعملوا ما شئتم [فصلت:40] والمعنى: ليجحدوا نعمة الله في إنجائه إياهم وليتمتعوا قرأ ابن كثير، وحمزة، بإسكان اللام على معنى الأمر; والمعنى: ليتمتعوا بباقي أعمارهم والكسائي فسوف يعلمون عاقبة كفرهم . وقرأ الباقون بكسر اللام في " ليتمتعوا " ، فجعلوا اللامين بمعنى " كي " ، فتقديره: لكي يكفروا، ولكي يتمتعوا، فيكون معنى الكلام: إذا هم يشركون ليكفروا وليتمتعوا، أي: لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به في العاجلة من غير نصيب لهم في الآخرة .