اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون
قوله تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم إن قيل: كيف خاطبه بالإفراد في الآية الأولى ، ثم جمع بقوله: اتبعوا ؟ فعنه ثلاثة أجوبة .
أحدها: أنه لما علم أن الخطاب له ولأمته ، حسن الجمع لذلك المعنى .
والثاني: أن الخطاب الأول خاص له; والثاني: محمول على الإنذار ، والإنذار في طريق القول ، فكأنه قال: لتقول لهم منذرا: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ذكرهما ابن الأنباري .
والثالث أن الخطاب الثاني للمشركين ، ذكره جماعة من المفسرين; قال: والذي أنزل إليهم القرآن . وقال : الذي أنزل: القرآن وما أتى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه مما أنزل عليه ، لقوله تعالى: الزجاج وما آتاكم الرسول فخذوه ، [ ص: 167 ] وما نهاكم عنه فانتهوا [الحشر:7] . ولا تتبعوا من دونه أولياء أي لا تتولوا من عدل عن دين الحق; وكل من ارتضى مذهبا فهو ولي أهل المذهب . و قوله تعالى: قليلا ما تذكرون ما: زائدة مؤكدة; والمعنى: قليلا تتذكرون . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، عن وأبو بكر " تذكرون " مشددة الذال والكاف . وقرأ عاصم: حمزة ، والكسائي ، وحفص عن تذكرون" خفيفة الذال مشددة الكاف . قال عاصم:" أبو علي: من قرأ " تذكرون" بالتشديد ، أراد " تتذكرون " فأدغم التاء في الذال; وإدغامها فيها حسن ، لأن التاء مهموسة ، والذال مجهورة; والمجهور أزيد صوتا من المهموس وأقوى; فإدغام الأنقص في الأزيد حسن . وأما ومن وافقه ، فإنهم حذفوا التاء التي أدغمها هؤلاء ، وذلك حسن لاجتماع ثلاثة أحرف متقاربة . وقرأ حمزة " يتذكرون " بياء وتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم; والمعنى: قليلا ما يتذكر هؤلاء الذين ذكروا بهذا الخطاب . ابن عامر: