القول في تأويل قوله تعالى:
[62] أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون
أبلغكم رسالات ربي " أي: ما أوحي إلي في الأوقات المتطاولة، أو في المعاني المختلفة، من الأوامر والنواهي، والمواعظ والزواجر، والبشائر والنذائر. ويجوز أن يريد رسالاته إليه وإلى الأنبياء قبله من صحف جده، إدريس ، فهذا نكتة جمع (الرسالات)، وإلا فرسالة كل نبي واحدة، وهي مصدر، والأصل فيه أن لا يجمع، فجمع لما ذكر.
[ ص: 2764 ] وأنصح لكم " وأقصد صلاحكم بإخلاص وأعلم من الله ما لا تعلمون أي: من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا من طريق الوحي، أشياء لا علم لكم بها، أو أعلم من قدرته الباهرة، وشدة بطشه على أعدائه، وأن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين ما لا تعلمونه.
قال : وهذا شأن الرسول أن يكون مبلغا فصيحا ناصحا عالما بالله، لا يدركه أحد من خلق الله في هذه الصفات، كما جاء في صحيح ابن كثير مسلم عرفة ، وهم أوفر ما كانوا وأكثر جميعا: « أيها الناس ! إنكم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء، وينكسها عليهم ويقول: اللهم اشهد، اللهم اشهد » . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم