القول في تأويل قوله تعالى :
[46] وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا .
وجعلنا على قلوبهم أكنة أي : أغطية كثيرة ، جمع ( كنان ) : أن يفقهوه أي : كراهة أن يفقهوه : وفي آذانهم وقرا أي : صمما يمنعهم من استماعه . وذلك ما يتغشاها من خذلان الله تعالى إياها ، عن فهم ما يتلى عليهم والإنصات له .
[ ص: 3937 ] قال أبو السعود : هذه تمثيلات معربة عن كمال جهلهم بشئون النبي صلى الله عليه وسلم ، وفرط نبو قلوبهم عن القرآن الكريم ، ومج أسماعهم له . جيء بها بيانا لعدم فقههم لتسبيح لسان المقال ، إثر بيان عدم فقههم لتسبيح لسان الحال ، وإيذانا بأن هذا التسبيح من الظهور بحيث لا يصور عدم فهمه ، إلا لمانع قوي يعتري المشاعر فيبطلها ؛ تنبيها على أن حالهم هذا أقبح من حالهم السابق .
وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده أي : غير مشفوع بذكره ذكر شيء من آلهتهم : ولوا على أدبارهم نفورا أي : هربا من استماع التوحيد . قال القاشاني : لتشتت أهوائهم ، وتفرق همهم في عبادة متعبداتهم ، من أصناف الجسمانيات والشهوات . فلا يناسب بواطنهم معنى الوحدة ؛ لتألفها بالكثرة واحتجابها بها . ثم أخبر تعالى عما يتناجى به المشركون ، رؤساء قريش ، بقوله متوعدا لهم :