القول في تأويل قوله تعالى:
[219]
nindex.php?page=treesubj&link=17185_27972_30510_32208_32225_32438_32444_34386_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر هذه الآية أول آية نزلت في الخمر، على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. ثم نزلت الآية التي في سورة النساء ثم نزلت الآية في المائدة.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال - لما نزل
nindex.php?page=treesubj&link=17190تحريم الخمر -: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا! فنزلت هذه الآية التي في البقرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر الآية. فدعي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فنزلت
[ ص: 551 ] الآية التي في النساء:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذا أقام الصلاة - نادى أن: لا يقربن الصلاة سكران. فدعي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا. فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقرئت عليه، فلما بلغ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91فهل أنتم منتهون قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: انتهينا انتهينا.
nindex.php?page=treesubj&link=17190_33499وحقيقة الخمر: ما أسكر من كل شيء، وروى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660741« كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا ومات وهو يدمنها لم يتب منها، لم يشربها في الآخرة » .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=27973الميسر: فهو القمار - بكسر القاف - مصدر من يسر - كالموعد والمرجع من فعلهما. يقال: يسرته إذا قمرته، واشتقاقه من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير كد ولا تعب، أو من اليسار لأنه سلب يساره.
وصفته: أنه كانت لهم عشرة أقداح يقال لها الأزلام والأقلام وهي:
الفذ، والتوأم، والرقيب، والحلس - بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وككتف - والنافس، والمسبل - كمحسن - والمعلى - كمعظم، والمنيح - كأمير، والسفيح - بوزن ما قبله، والوغد لكل واحد منها نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزئونها عشرة أجزاء كما قاله
أبو عمر أو ثمانية وعشرين جزءا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي وهو الأكثر، إلا ثلاثة منها وهي المنيح والسفيح والوغد فلا أنصباء لها. وإنما يكثر بها القداح كراهة التهمة. ولبعضهم:
لي في الدنيا سهام ليس فيهن ربيح
وأساميهن: وغد
وسفيح ومنيح
[ ص: 552 ] فللفذ سهم - أي: فرض واحد - وللتوأم سهمان، وللرقيب ثلاثة، وللحلس أربعة وللنافس خمسة، وللمسبل ستة، وللمعلى سبعة، يجعلونها في الربابة وهي خريطة ويضعونها على يدي عدل، ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج. باسم رجل رجل، قدحا منها. فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرم ثمن الجزور كله. وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك، ويذمون من لم يدخل فيه ويسمونه: البرم بفتحتين كذا في " الكشاف " بزيادة.
وفي " القاموس وشرحه ": الميسر: اللعب بالقداح، أو هو الجزور التي كانوا يتقامرون عليها، كانوا إذا أرادوا أن ييسروا اشتروا جزورا نسيئة ونحروه وقسموه ثمانية وعشرين قسما، أو عشرة أقسام فإذا خرج واحد واحد باسم رجل رجل، ظهر فوز من خرج لهم ذوات الأنصباء وغرم من خرج له الغفل. وإنما سمي الجزور ميسرا، لأنه يجزأ أجزاء. وكل شيء جزأته فقد يسرته ; ويسرت الناقة جزأت لحمها، ويسر القوم الجزور أي: اجتزروها واقتسموا أجزاءها. قال
سحيم بن وثيل اليربوعي: أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ألم تعلموا أني ابن فارس زهدم
كان وقع عليه سباء فضرب عليهم بالسهام. وقوله ييسرونني هو من الميسر، أي: يجزونني ويقتسمونني. وقال
لبيد: واعفف عن الجارات وامنحهن ميسرك السمينا
فجعل الجزور نفسه ميسرا. ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14625الصاغاني، أن الميسر: النرد. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: كل شيء فيه قمار فهو من الميسر. حتى لعب الصبيان بالجوز.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قل فيهما إثم كبير أي: عظيم - وقرئ بالمثلثة - وذلك لما فيها من المساوي المنابذة لمحاسن الشرع. من الكذب والشتم وزوال العقل واستحلال مال الغير:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219ومنافع للناس [ ص: 553 ] دنيوية من اللذة والطرب والتجارة في الخمر. وإصابة المال بلا كد في الميسر. وفي تقديم بيان إثمه، ووصفه بالكبر، وتأخير ذكر منافعه مع تخصيصها بالناس، من الدلائل على غلبة الأول - ما لا يخفى على ما نطق به قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وإثمهما أكبر من نفعهما أي: المفاسد المترتبة على تعاطيهما أعظم من الفوائد المترتبة عليه. أي: لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين. وفي هذا من التنفير عنها ما لا يخفى. ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة ; ولهذا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لما قرأت عليه: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا! حتى نزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون تنبيه:
ألف كثير من أعلام الأطباء والفلاسفة مؤلفات خاصة في
nindex.php?page=treesubj&link=27974_17196مضرات المسكرات.
ولم تزل تعقد في بعض ممالك النصارى مؤتمرات دولية، تدعى إليه نواب من جميع دول العالم الكبيرة لمحاربة المسكرات، وعيافها، وإعلان تأثيرها في الأجساد والعقول والأرواح، وما ينشأ عنها من الخسران المالي، ومما قرره خمسون طبيبا منهم هذه الجمل:
1 - إن المسكرات لا تروي الظمأ بل تزيده.
2 - إنها لا تفيد شيئا في قضاء الأعمال.
3 - إنها توقف النمو العقلي والجسدي في الأولاد.
4 - إنها تضعف قوة الإرادة فتفضي إلى ارتكاب الموبقات، وتجر إلى الفقر والشقاء.
5 - هي من المسكنات كالبنج والإيثر.
[ ص: 554 ] 6 - إنها تعد للأمراض المعدية.
7 - إنها تعد بنوع خاص للتدرن والسل.
8 - إنها تضر في ذات الرئة والحمى التيفودية أكثر مما تنفع.
9 - إنها تقرب النهاية المحزنة في الأمراض التي تنتهي بالموت، وتطيل مدة الشفاء في الأمراض التي تنتهي بالصحة.
10 - إنها تعد لضربة الشمس والرعن في أيام الحر.
11 - إنها تسرع بإنفاق الحرارة في أيام البرد.
12 - إنها تغير مادة القلب والأوعية الدموية.
13 - إنها كثيرا ما تسبب التهاب الأعصاب، والآلام المبرحة.
14 - إنها تسرع بحويصلات الجسم إلى الهدم.
15 - إن المقدار العظيم الذي يتناوله أصحاب الأعمال الجسدية من أشربتها هو سبب شقائهم وفقرهم وذهاب صحتهم.
16 - إن الامتناع عنها مما يقضي إلى صحة وسعادة الجنس البشري.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219ويسألونك ماذا ينفقون أي: يتصدقون به من أموالهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قل العفو وهو ما يفضل عن النفقة، أي: الفاضل الذي يمكن التجاوز عنه لعدم الاحتياج إليه.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651337« خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول» .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658671« ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل [ ص: 555 ] شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=668749جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عندي دينار، قال: « أنفقه على نفسك » . قال عندي آخر، قال: « أنفقه على ولدك» . قال: عندي آخر، قال: « أنفقه على أهلك» . قال: عندي آخر، قال: « أنفقه على خادمك» . قال: عندي آخر، قال: « أنت أعلم» .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219كذلك - أي: كما بين لكم ما ذكر -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يبين الله لكم الآيات أي: الأمر والنهي وهوان الدنيا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219لعلكم تتفكرون
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[219]
nindex.php?page=treesubj&link=17185_27972_30510_32208_32225_32438_32444_34386_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ هَذِهِ الْآيَةُ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْخَمْرِ، عَلَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16327وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الْمَائِدَةِ.
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ - لَمَّا نَزَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=17190تَحْرِيمُ الْخَمْرِ -: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الْآيَةَ. فَدُعِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَنَزَلَتِ
[ ص: 551 ] الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ - نَادَى أَنْ: لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ. فَدُعِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدُعِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا.
nindex.php?page=treesubj&link=17190_33499وَحَقِيقَةُ الْخَمْرِ: مَا أَسْكَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660741« كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا وَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ » .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27973الْمَيْسِرُ: فَهُوَ الْقِمَارُ - بِكَسْرِ الْقَافِ - مَصْدَرٌ مِنْ يَسَرَ - كَالْمَوْعِدِ وَالْمَرْجِعِ مِنْ فِعْلِهِمَا. يُقَالُ: يَسَرْتَهُ إِذَا قَمَرْتَهُ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْيُسْرِ لِأَنَّهُ أَخْذُ مَالِ الرَّجُلِ بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ، أَوْ مِنَ الْيَسَارِ لِأَنَّهُ سَلَبَ يَسَارَهُ.
وَصِفَتُهُ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ عَشَرَةُ أَقْدَاحٍ يُقَالُ لَهَا الْأَزْلَامُ وَالْأَقْلَامُ وَهِيَ:
الْفَذُّ، وَالتَّوْأَمُ، وَالرَّقِيبُ، وَالْحِلْسُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَكَتِفٍ - وَالنَّافِسُ، وَالْمُسْبِلُ - كَمُحْسِنٍ - وَالْمُعَلَّى - كَمُعَظَّمٍ، وَالْمَنِيحُ - كَأَمِيرٍ، وَالسَّفِيحُ - بِوَزْنِ مَا قَبْلَهُ، وَالْوَغْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نَصِيبٌ مَعْلُومٌ مِنْ جَزُورٍ يَنْحَرُونَهَا وَيُجَزِّئُونَهَا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ كَمَا قَالَهُ
أَبُو عُمَرَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، إِلَّا ثَلَاثَةً مِنْهَا وَهِيَ الْمَنِيحُ وَالسَّفِيحُ وَالْوَغْدُ فَلَا أَنْصِبَاءَ لَهَا. وَإِنَّمَا يَكْثُرُ بِهَا الْقِدَاحُ كَرَاهَةَ التُّهْمَةِ. وَلِبَعْضِهِمْ:
لِيَ فِي الدُّنْيَا سِهَامٌ لَيْسَ فِيهِنَّ رَبِيحُ
وَأَسَامِيهُنَّ: وَغْدٌ
وَسَفِيحٌ وَمَنِيحُ
[ ص: 552 ] فَلِلْفَذِّ سَهْمٌ - أَيْ: فَرْضٌ وَاحِدٌ - وَلِلتَّوْأَمِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّقِيبِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْحِلْسِ أَرْبَعَةٌ وَلِلنَّافِسِ خَمْسَةٌ، وَلِلْمُسْبِلِ سِتَّةٌ، وَلِلْمُعَلَّى سَبْعَةٌ، يَجْعَلُونَهَا فِي الرَّبَابَةِ وَهِيَ خَرِيطَةٌ وَيَضَعُونَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، ثُمَّ يُجَلْجِلُهَا وَيُدْخِلُ يَدَهُ فَيُخْرِجُ. بِاسْمِ رَجُلٍ رَجُلٍ، قَدَحًا مِنْهَا. فَمَنْ خَرَجَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ ذَوَاتِ الْأَنْصِبَاءِ أَخَذَ النَّصِيبَ الْمَوْسُومَ بِهِ ذَلِكَ الْقَدَحُ، وَمَنْ خَرَجَ لَهُ قَدَحٌ مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَغَرِمَ ثَمَنَ الْجَزُورِ كُلَّهُ. وَكَانُوا يَدْفَعُونَ تِلْكَ الْأَنْصِبَاءَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يَأْكُلُونَ مِنْهَا، وَيَفْتَخِرُونَ بِذَلِكَ، وَيَذُمُّونَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَيُسَمُّونَهُ: الْبَرَمَ بِفَتْحَتَيْنِ كَذَا فِي " الْكَشَّافِ " بِزِيَادَةٍ.
وَفِي " الْقَامُوسِ وَشَرْحِهِ ": الْمَيْسِرُ: اللَّعِبُ بِالْقِدَاحِ، أَوْ هُوَ الْجَزُورُ الَّتِي كَانُوا يَتَقَامَرُونَ عَلَيْهَا، كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُيَسِّرُوا اشْتَرَوْا جَزُورًا نَسِيئَةً وَنَحَرُوهُ وَقَسَمُوهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ قِسْمًا، أَوْ عَشَرَةَ أَقْسَامٍ فَإِذَا خَرَجَ وَاحِدٌ وَاحِدٌ بِاسْمِ رَجُلٍ رَجُلٍ، ظَهَرَ فَوْزُ مَنْ خَرَجَ لَهُمْ ذَوَاتُ الْأَنْصِبَاءِ وَغَرِمَ مَنْ خَرَجَ لَهُ الْغُفْلُ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْجَزُورُ مَيْسِرًا، لِأَنَّهُ يُجَزَّأُ أَجْزَاءً. وَكُلُّ شَيْءٍ جَزَّأْتَهُ فَقَدْ يَسَّرْتَهُ ; وَيَسَّرْتَ النَّاقَةَ جَزَّأْتَ لَحْمَهَا، وَيَسَرَّ الْقَوْمُ الْجَزُورَ أَيِ: اجْتَزَرُوهَا وَاقْتَسَمُوا أَجْزَاءَهَا. قَالَ
سُحَيْمُ بْنُ وُثَيْلٍ الْيَرْبُوعِيُّ: أَقُولُ لَهُمْ بِالشَّعْبِ إِذْ يَيْسِرُونَنِي أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمِ
كَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ سِبَاءٌ فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بِالسِّهَامِ. وَقَوْلُهُ يَيْسِرُونَنِي هُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ، أَيْ: يَجْزُونَنِي وَيَقْتَسِمُونَنِي. وَقَالَ
لَبِيَدٌ: وَاعْفِفْ عَنِ الْجَارَاتِ وَامْنَحْهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمِينَا
فَجَعَلَ الْجَزُورَ نَفْسَهُ مَيْسِرًا. وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14625الصَّاغَانِيُّ، أَنَّ الْمَيْسِرَ: النَّرْدُ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمَارٌ فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ. حَتَّى لَعِبَ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ أَيْ: عَظِيمٌ - وَقُرِئَ بِالْمُثَلَّثَةِ - وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُسَاوِي الْمُنَابِذَةِ لِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ. مِنَ الْكَذِبِ وَالشَّتْمِ وَزَوَالِ الْعَقْلِ وَاسْتِحْلَالِ مَالِ الْغَيْرِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [ ص: 553 ] دُنْيَوِيَّةٌ مِنَ اللَّذَّةِ وَالطَّرَبِ وَالتِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ. وَإِصَابَةُ الْمَالِ بِلَا كَدٍّ فِي الْمَيْسِرِ. وَفِي تَقْدِيمِ بَيَانِ إِثْمِهِ، وَوَصْفِهِ بِالْكِبَرِ، وَتَأْخِيرِ ذِكْرِ مَنَافِعِهِ مَعَ تَخْصِيصِهَا بِالنَّاسِ، مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى غَلَبَةِ الْأَوَّلِ - مَا لَا يَخْفَى عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا أَيِ: الْمَفَاسِدُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى تَعَاطِيهِمَا أَعْظَمُ مِنَ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ. أَيْ: لَا تُوَازِي مَضَرَّتَهُ وَمَفْسَدَتَهُ الرَّاجِحَةَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَقْلِ وَالدِّينِ. وَفِي هَذَا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْهَا مَا لَا يَخْفَى. وَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُمَهِّدَةً لِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ عَلَى الْبَتَاتِ، وَلَمْ تَكُنْ مُصَرِّحَةً بَلْ مُعَرِّضَةً ; وَلِهَذَا، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ لِمَا قُرِأَتْ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا! حَتَّى نَزَلَ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِهَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ تَنْبِيهٌ:
أَلَّفَ كَثِيرٌ مِنْ أَعْلَامِ الْأَطِبَّاءِ وَالْفَلَاسِفَةِ مُؤَلَّفَاتٍ خَاصَّةً فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27974_17196مَضَرَّاتِ الْمُسْكِرَاتِ.
وَلَمْ تَزَلْ تُعْقَدُ فِي بَعْضِ مَمَالِكِ النَّصَارَى مُؤْتَمَرَاتٌ دَوْلِيَّةٌ، تُدْعَى إِلَيْهِ نُوَّابٌ مِنْ جَمِيعِ دُوَلِ الْعَالَمِ الْكَبِيرَةِ لِمُحَارَبَةِ الْمُسْكِرَاتِ، وَعِيَافِهَا، وَإِعْلَانِ تَأْثِيرِهَا فِي الْأَجْسَادِ وَالْعُقُولِ وَالْأَرْوَاحِ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنَ الْخُسْرَانِ الْمَالِيِّ، وَمِمَّا قَرَّرَهُ خَمْسُونَ طَبِيبًا مِنْهُمْ هَذِهِ الْجُمَلُ:
1 - إِنَّ الْمُسْكِرَاتِ لَا تَرْوِي الظَّمَأَ بَلْ تَزِيدُهُ.
2 - إِنَّهَا لَا تُفِيدُ شَيْئًا فِي قَضَاءِ الْأَعْمَالِ.
3 - إِنَّهَا تُوقِفُ النُّمُوَّ الْعَقْلِيَّ وَالْجَسَدِيَّ فِي الْأَوْلَادِ.
4 - إِنَّهَا تُضْعِفُ قُوَّةَ الْإِرَادَةِ فَتُفْضِي إِلَى ارْتِكَابِ الْمُوبِقَاتِ، وَتَجُرُّ إِلَى الْفَقْرِ وَالشَّقَاءِ.
5 - هِيَ مِنَ الْمُسَكِّنَاتِ كَالْبَنْجِ وَالْإِيثْرِ.
[ ص: 554 ] 6 - إِنَّهَا تُعَدُّ لِلْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ.
7 - إِنَّهَا تُعَدُّ بِنَوْعٍ خَاصٍّ لِلتَّدَرُّنِ وَالسُّلِّ.
8 - إِنَّهَا تَضُرُّ فِي ذَاتِ الرِّئَةِ وَالْحُمَّى التَّيْفُودِيَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَنْفَعُ.
9 - إِنَّهَا تُقَرِّبُ النِّهَايَةَ الْمُحْزِنَةَ فِي الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَتُطِيلُ مُدَّةَ الشِّفَاءِ فِي الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَنْتَهِي بِالصِّحَّةِ.
10 - إِنَّهَا تُعَدُّ لِضَرْبَةِ الشَّمْسِ وَالرَّعْنِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ.
11 - إِنَّهَا تُسْرِعُ بِإِنْفَاقِ الْحَرَارَةِ فِي أَيَّامِ الْبَرْدِ.
12 - إِنَّهَا تُغَيِّرُ مَادَّةَ الْقَلْبِ وَالْأَوْعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ.
13 - إِنَّهَا كَثِيرًا مَا تُسَبِّبُ الْتِهَابَ الْأَعْصَابِ، وَالْآلَامَ الْمُبَرِّحَةَ.
14 - إِنَّهَا تُسْرِعُ بِحُوَيْصِلَاتِ الْجِسْمِ إِلَى الْهَدْمِ.
15 - إِنَّ الْمِقْدَارَ الْعَظِيمَ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ أَصْحَابُ الْأَعْمَالِ الْجَسَدِيَّةِ مِنْ أَشْرِبَتِهَا هُوَ سَبَبُ شَقَائِهِمْ وَفَقْرِهِمْ وَذَهَابِ صِحَّتِهِمْ.
16 - إِنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْهَا مِمَّا يَقْضِي إِلَى صِحَّةِ وَسَعَادَةِ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ أَيْ: يَتَصَدَّقُونَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قُلِ الْعَفْوَ وَهُوَ مَا يَفْضُلُ عَنِ النَّفَقَةِ، أَيِ: الْفَاضِلُ الَّذِي يُمْكِنُ التَّجَاوُزُ عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651337« خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658671« ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضْلَ [ ص: 555 ] شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=668749جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ: « أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ » . قَالَ عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: « أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ» . قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: « أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ» . قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: « أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ» . قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: « أَنْتَ أَعْلَمُ» .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219كَذَلِكَ - أَيْ: كَمَا بُيِّنَ لَكُمْ مَا ذُكِرَ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ أَيِ: الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَهَوَانَ الدُّنْيَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ