[ ص: 4179 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[38] إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى [39] أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني .
إذ أوحينا أي: ألقينا بطريق الإلهام: إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت أي: الصندوق: فاقذفيه في اليم أي: البحر، متوكلة على خالقه: فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي لدعواه الألوهية: وعدو له لدعوته إلى نبذ ما يدعيه.
قال : لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته -أن لا تخطئ جرية اليم، الوصول به إلى الساحل، وإلقاءه إليه- سلك في ذلك سبيل المجاز وجعل اليم كأنه ذو تمييز أمر بذلك، ليطيع الأمر ويمتثل رسمه. فقيل: الزمخشري فليلقه اليم بالساحل أي: على سبيل الاستعارة بالكناية. بتشبيه اليم بمأمور منقاد. وإثبات الأمر تخييل، وقوله تعالى: وألقيت عليك محبة مني أي: واقعة مني، زرعتها في قلب من يراك. ولذلك أحبك فرعون : ولتصنع على عيني أي: ولتربى بيد العدو على نظري بالحفظ والعناية. فعلى عيني استعارة تمثيلية للحفظ والصون، لأن المصون يجعل بمرأى. قيل: و(على) بمعنى الباء لأنه بمعنى بمرأى مني، في الأصل.