القول في تأويل قوله تعالى:
[28 - 29] ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون
ويقولون أي: كفار مكة: متى هذا الفتح أي: الانتصار علينا، استعجال لوقوع البأس الرباني عليهم، الذي وعدوا به، واستبعاد له، إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون لحلول ما يغشي الأبصار، ويعمي البصائر، وظهور منار الإيمان، وزهوق الفريق الكافر.
قال : أي: إذا حل بكم بأس الله، وسخطه، وغضبه في الدنيا والآخرة، لا ينفع الذين كفروا إيمانهم، ولا هم ينظرون، كما قال تعالى: ابن كثير فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم الآيتين. ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة، فقد أبعد النجعة، وأخطأ فأفحش، فإن يوم الفتح، قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء، وقد كانوا قريبا من ألفين، ولو كان المراد فتح مكة، لما قبل إسلامهم لقوله تعالى: قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل، كقوله: فافتح بيني وبينهم فتحا وكقوله: قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق الآية. وقال تعالى: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد وقال تعالى: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح