القول في تأويل قوله تعالى:
[ 8 ] لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب .
لا يسمعون إلى الملإ الأعلى قرئ بالتخفيف والتشديد. وأصله ( يستمعون ); أي: يتطلبون السماع. والضمير لكل شيطان; لأنه في معنى الشياطين. والجملة مستأنفة لبيان ما عليه حال المسترقة للسمع من أنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة إلخ. أو هي علة للحفظ; أي: لئلا يسمعوا. فحذفت اللام ثم (أن)، وأهدر عملها. وضعفوه بلزوم اجتماع حذفين، وهو منكر. كما ذكروه في قوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا أي: لئلا [ ص: 5028 ] تضلوا، وقد يقال: إنما ينكر حذف شيئين فيما يخل بانسجام الكلام. أما في تقدير أمر له نظائر، ومرجعه إلى تحليل معنى لا يأباه اللفظ - فلا وجه للتعصب في رده، لمجرد أن الكوفيين، مثلا، ذهبوا إليه أو غيرهم. وشاهد المعنى أعدل من حكم القواعد وتحكيمها: ويقذفون أي: يرمون: من كل جانب أي: من جميع جوانب السماء، إذا قصدوا الصعود إليها.