القول في تأويل قوله تعالى :
[ 80 ] ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون
ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر أي : بالعود إليه وقد بعث لمحو الشرك : بعد إذ أنتم مسلمون أي : بعد استقراركم على الإسلام .
[ ص: 874 ] تنبيهات :
الأول : إذا كان ما ذكر في الآية لا يصلح لنبي ولا لمرسل ، فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم ، بطريق الأولى والأحرى .
ولهذا قال لا ينبغي هذا لمؤمن ، أن يأمر الناس بعبادته ، قال : وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضا - يعني : أهل الكتاب - كانوا يعبدون أحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله تعالى : الحسن البصري : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله الآية ، وفي جامع - كما سيأتي - الترمذي أن قال : يا رسول الله ما عبدوهم . قال : بلى ، إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم . عدي بن حاتم فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ ، بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين ، فإنهم إنما يأمرون بما يأمر الله به وبلغتهم إياه الرسل الكرام ، وإنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغتهم إياه رسله الكرام - قاله - . ابن كثير
الثاني : في هذه الآية أعظم باعث لمن علم على أن يعمل ، وأن من أعظم العمل بالعلم تعليمه والإخلاص لله سبحانه . والدراسة : مذاكرة العلم والفقه . فدلت الآية على أن فمن اشتغل بها ، لا لهذا المقصود ، فقد ضاع سعيه وخاب عمله ، وكان مثله مثل من غرس شجرة حسناء مونقة بمنظرها ، ولا منفعة بثمرها ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيا ، كذا في فتح البيان « نعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع » والرازي .
[ ص: 875 ] الثالث : قرئ في السبع : ولا يأمركم بالرفع على الاستئناف أي : ولا يأمركم الله أو النبي ، وبالنصب عطفا على ثم يقول ، ( ولا ) مزيدة لتأكيد معنى النفي .