القول في تأويل قوله تعالى:
[39 - 40] فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان
فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان أي: لا يفتح له باب المعذرة، كقوله: ولا يؤذن لهم فيعتذرون ففي السؤال مجاز عن نفي سماع الاعتذار؛ فهو من باب نفي السبب لانتفاء المسبب. وأخذ كثير السؤال على حقيقته، وحاولوا الجمع بينه وبين ما قد ينافيه.
قال القاشاني : وأما الوقف والسؤال المشار إليه في قوله: وقفوهم إنهم مسؤولون ونظائره ففي موطن آخر من اليوم الطويل الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، وقد يكون هذا الموطن قبل الموطن الأول في ذلك اليوم، وقد يكون بعده.
[ ص: 5628 ] وكذا قال : إن هذه الآية كقوله تعالى: ابن كثير هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون فهذا حال، وثم حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، قال تعالى: فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وفي الآية تأويل آخر، قال مجاهد: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم.
وقال الإمام ابن القيم في (طريق الهجرتين): اختلف في هذا السؤال المنفي، فقيل: هو وقت البعث والمصير إلى الموقف، لا يسألون حينئذ، ويسألون بعد إطالة الوقوف، واستشفاعهم إلى الله أن يحاسبهم، ويريحهم من مقامهم ذلك. وقيل: المنفي سؤال الاستعلام والاستخبار، لا سؤال المحاسبة والمجازاة، أي: قد علم الله ذنوبهم، فلا يسألهم عنها سؤال من يريد علمها، وإنما يحاسبهم عليها. انتهى.
فبأي آلاء ربكما تكذبان قال : أي: من عدله فيكم أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما. ابن جرير