القول في تأويل قوله تعالى:
[11]
nindex.php?page=treesubj&link=32413_34136_34310_947_999_29033nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أي: عير تجارة
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11أو لهوا أي: ما تلهو به النفس عن الحق والجد النافع
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11انفضوا إليها أي: أسرعوا إلى التجارة خشية أن يسبقوا إليها، وإنما أوثر ضميرها؛ لأنها الأهم المقصود
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وتركوك قائما أي: على المنبر
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11قل ما عند الله أي: من الثواب المرجو بسماع الخطبة والعظة بها
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11خير من اللهو ومن التجارة أي: لأن الثواب مخلد نفعه، بخلاف ما يتوهمونه منها.
قال
الشهاب: وتقديم اللهو; لأنه أقوى مذمة، فناسب تقديمه في مقام الذم.
[ ص: 5803 ] nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11والله خير الرازقين أي: فاعملوا للأعراض الباقية عنده؛ فإنها خير من الأمور الفانية عندكم، وفوضوا أمر الرزق إليه بالتوكل، والثقة بفضله; فإنه خير الرازقين.
تنبيهات:
الأول: قال
الرازي: وجه تعلق آية الجمعة بما قبلها، هو أن الذين هادوا يفرون من الموت لمتاع الدنيا وطيباتها، والذين أمنوا يبيعون ويشرون لمتاع الدنيا وطيباتها كذلك. فنبههم الله تعالى بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فاسعوا إلى ذكر الله أي: إلى ما ينفعكم في الآخرة، وهو حضور الجمعة؛ لأن الدنيا ومتاعها فانية، والآخرة وما فيها باقية. قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17والآخرة خير وأبقى ووجه آخر في التعلق، قال بعضهم: قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث: افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه فكذبهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6فتمنوا الموت إن كنتم صادقين وبأنهم أهل الكتاب،
والعرب لا كتاب لهم، فشبههم بالحمار يحمل أسفارا. وبالسبت، وليس للمسلمين مثله، فشرع الله لهم الجمعة. انتهى.
وقال
المهايمي في وجه المناسبة: بين الله تعالى أن مقتضى الإيمان الاجتماع على الخير، لاسيما الشكر على الإنسانية؛ لئلا تنقلب حمارية أو بهيمية، في مقابلة اجتماع أهل الكتاب على الشر، الذي جرهم إلى الحمارية والبهيمية.
الثاني: قال
السيوطي في "الإكليل": في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع nindex.php?page=treesubj&link=903مشروعية صلاة الجمعة، والأذان لها، والسعي إليها، وتحريم
nindex.php?page=treesubj&link=1002البيع بعد الأذان. واستدل بالآية من قال: إنما
nindex.php?page=treesubj&link=905يجب إتيان الجمعة على من كان يسمع فيه النداء. ومن قال: لا يحتاج إلى إذن السلطان، لأنه تعالى أوجب السعي، ولم يشترط إذن أحد. ومن قال:
nindex.php?page=treesubj&link=961_920_905لا تجب على النساء لعدم دخولهن في خطاب الذكور. انتهى.
[ ص: 5804 ] الثالث: في "الإكليل": في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض nindex.php?page=treesubj&link=903إباحة الانتشار عقب الصلاة، فيستفاد منه
nindex.php?page=treesubj&link=929تقديم الخطبة عليها. انتهى.
وظاهره أنه لا يشرع بعد أدائها صلاة ما، غير أنه
«كان صلى الله عليه وسلم يتنفل بعدها في بيته ركعتين» ، وفي رواية: «أربعا» . وأما اعتقاد فريضة الظهر بعدها إذا تعددت، فتعصب مذهبي لا برهان له. وقد قلت في مقدمة مجموعة الخطب، في الفائدة الرابعة ما مثاله:
الحاجة في هذه البلاد في هذه الأوقات تدعو إلى أكثر من جمعة؛ إذ ليس للناس جامع واحد يسعهم، ولا يمكنهم جمعة واحدة أصلا، إلا أن خروجها عن حد أن لا فرق بينها وبين بقية الصلوات في كثير من المساجد الصغيرة التي لم تشيد لمثلها، قد هول فيه
السبكي في "فتاويه"; لأنه مما تأباه مشروعيتها، وما مضى عليه عمل القرون الثلاثة، بل تسميتها جمعة، فإن صيغة (فعلة) في اللغة للمبالغة. وبالجملة فالجوامع الكبار التي تؤمها الأفواج يوم الجمعة ويحتاج لإقامتها فيها حاجة بينة لمجاوريها، هي التي لا خلاف في جوازها مهما تعددت، والتي لا تعاد الظهر بعدها، وقد بسطناه في كتابنا "إصلاح المساجد من البدع والعوائد".
الرابع: يدل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10وابتغوا من فضل الله على عدم مشروعية
nindex.php?page=treesubj&link=28158تعطيل يوم الجمعة، ففيه تعريض بمجانبة التشبه بأهل الكتاب في تعطيل يومي السبت والأحد، ورد على ما ابتدع فيه من الوظائف ما يدعو إلى الانقطاع عن كل عمل. والأصل أن كل ما لم ينص عليه الكتاب الحكيم، ولا الهدي النبوي، من خبر قويم، فهو تشريع ما لم يأذن به الله. وإذا رفع الله بفضله عنا الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا، فما بالنا نستجرها إلينا بالأسباب الضعيفة؟ فاللهم غفرا.
[ ص: 5805 ] الخامس: قال في "الإكليل": في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما nindex.php?page=treesubj&link=948_926_928مشروعية الخطبة، والقيام فيها، واشتراط الجماعة في الصلاة، وسماعهم الخطبة، وتحريم الانفضاض. انتهى.
وفي الصحيحين
عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال: قدمت عير مرة المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فخرج الناس، وبقي اثنا عشر رجلا; فنزلت: nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا الآية...
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال: كان الجواري إذا نكحوا يمرون بالكبر والمزامير، ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر، وينفضون إليها، فأنزل الله: nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا الآية...
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : اللهو الطبل.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[11]
nindex.php?page=treesubj&link=32413_34136_34310_947_999_29033nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَيْ: عِيرَ تِجَارَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11أَوْ لَهْوًا أَيْ: مَا تَلْهُو بِهِ النَّفْسُ عَنِ الْحَقِّ وَالْجِدِّ النَّافِعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11انْفَضُّوا إِلَيْهَا أَيْ: أَسْرَعُوا إِلَى التِّجَارَةِ خَشْيَةَ أَنْ يُسْبَقُوا إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا أُوثِرَ ضَمِيرُهَا؛ لِأَنَّهَا الْأَهَمُّ الْمَقْصُودُ
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَتَرَكُوكَ قَائِمًا أَيْ: عَلَى الْمِنْبَرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ أَيْ: مِنَ الثَّوَابِ الْمَرْجُوِّ بِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالْعِظَةِ بِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ أَيْ: لِأَنَّ الثَّوَابَ مُخَلَّدٌ نَفْعُهُ، بِخِلَافِ مَا يَتَوَهَّمُونَهُ مِنْهَا.
قَالَ
الشِّهَابُ: وَتَقْدِيمُ اللَّهْوِ; لِأَنَّهُ أَقْوَى مَذَمَّةً، فَنَاسَبَ تَقْدِيمُهُ فِي مَقَامِ الذَّمِّ.
[ ص: 5803 ] nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أَيْ: فَاعْمَلُوا لِلْأَعْرَاضِ الْبَاقِيَةِ عِنْدَهُ؛ فَإِنَّهَا خَيْرٌ مِنَ الْأُمُورِ الْفَانِيَةِ عِنْدَكُمْ، وَفَوِّضُوا أَمْرَ الرِّزْقِ إِلَيْهِ بِالتَّوَكُّلِ، وَالثِّقَةِ بِفَضْلِهِ; فَإِنَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
تَنْبِيهَاتٌ:
الْأَوَّلُ: قَالَ
الرَّازِيُّ: وَجْهُ تَعَلُّقِ آيَةِ الْجُمْعَةِ بِمَا قَبْلَهَا، هُوَ أَنِ الَّذِينَ هَادُوا يَفِرُّونَ مِنَ الْمَوْتِ لِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا، وَالَّذِينَ أَمِنُوا يَبِيعُونَ وَيَشْرُونَ لِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَطَيِّبَاتِهَا كَذَلِكَ. فَنَبَّهَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ أَيْ: إِلَى مَا يَنْفَعُكُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ حُضُورُ الْجُمْعَةِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا وَمَتَاعَهَا فَانِيَةٌ، وَالْآخِرَةُ وَمَا فِيهَا بَاقِيَةٌ. قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَوَجْهٌ آخَرُ فِي التَّعَلُّقِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ قَوْلَ الْيَهُودِ فِي ثَلَاثٍ: افْتَخَرُوا بِأَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فَكَذَّبَهُمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَبِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ،
وَالْعَرَبُ لَا كِتَابَ لَهُمْ، فَشَبَّهَهُمْ بِالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا. وَبِالسَّبْتِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ، فَشَرَعَ اللَّهُ لَهُمُ الْجُمْعَةَ. انْتَهَى.
وَقَالَ
الْمَهَايِمِيُّ فِي وَجْهِ الْمُنَاسَبَةِ: بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مُقْتَضَى الْإِيمَانِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الْخَيْرِ، لَاسِيَّمَا الشُّكْرُ عَلَى الْإِنْسَانِيَّةِ؛ لِئَلَّا تَنْقَلِبَ حِمَارِيَّةً أَوْ بَهِيمِيَّةً، فِي مُقَابَلَةِ اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الشَّرِّ، الَّذِي جَرَّهُمْ إِلَى الْحِمَارِيَّةِ وَالْبَهِيمِيَّةِ.
الثَّانِي: قَالَ
السُّيُوطِيُّ فِي "الْإِكْلِيلِ": فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ nindex.php?page=treesubj&link=903مَشْرُوعِيَّةُ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، وَالْأَذَانِ لَهَا، وَالسَّعْيِ إِلَيْهَا، وَتَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=1002الْبَيْعِ بَعْدَ الْأَذَانِ. وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=905يَجِبُ إِتْيَانُ الْجُمْعَةِ عَلَى مَنْ كَانَ يَسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءَ. وَمَنْ قَالَ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ السُّلْطَانِ، لِأَنْهُ تَعَالَى أَوْجَبَ السَّعْيَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ إِذْنَ أَحَدٍ. وَمَنْ قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=961_920_905لَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ لِعَدَمِ دُخُولِهِنَّ فِي خِطَابِ الذُّكُورِ. انْتَهَى.
[ ص: 5804 ] الثَّالِثُ: فِي "الْإِكْلِيلِ": فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ nindex.php?page=treesubj&link=903إِبَاحَةُ الِانْتِشَارِ عَقِبَ الصَّلَاةِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=929تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ عَلَيْهَا. انْتَهَى.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ بَعْدَ أَدَائِهَا صَلَاةٌ مَا، غَيْرَ أَنَّهُ
«كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَرْبَعًا» . وَأَمَّا اعْتِقَادُ فَرِيضَةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا إِذَا تَعَدَّدَتْ، فَتَعَصُّبٌ مَذْهَبِيٌّ لَا بُرْهَانَ لَهُ. وَقَدْ قُلْتُ فِي مُقَدِّمَةِ مَجْمُوعَةِ الْخُطَبِ، فِي الْفَائِدَةِ الرَّابِعَةِ مَا مِثَالُهُ:
الْحَاجَةُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَدْعُو إِلَى أَكْثَرَ مِنْ جُمْعَةٍ؛ إِذْ لَيْسَ لِلنَّاسِ جَامِعٌ وَاحِدٌ يَسَعُهُمْ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ جُمْعَةٌ وَاحِدَةٌ أَصْلًا، إِلَّا أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ حَدِّ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تُشَيَّدْ لِمِثْلِهَا، قَدْ هَوَّلَ فِيهِ
السُّبْكِيُّ فِي "فَتَاوِيهِ"; لِأَنَّهُ مِمَّا تَأْبَاهُ مَشْرُوعِيَّتُهَا، وَمَا مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ تَسْمِيَتُهَا جُمْعَةً، فَإِنَّ صِيغَةَ (فُعْلَةٍ) فِي اللُّغَةِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْجَوَامِعُ الْكِبَارُ الَّتِي تَؤُمُّهَا الْأَفْوَاجُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَيُحْتَاجُ لِإِقَامَتِهَا فِيهَا حَاجَةٌ بَيِّنَةٌ لِمُجَاوِرِيهَا، هِيَ الَّتِي لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا مَهْمَا تَعَدَّدَتْ، وَالَّتِي لَا تُعَادُ الظُّهْرُ بَعْدَهَا، وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي كِتَابِنَا "إِصْلَاحُ الْمَسَاجِدِ مِنَ الْبِدَعِ وَالْعَوَائِدِ".
الرَّابِعُ: يَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28158تَعْطِيلِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ، فَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِمُجَانَبَةِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي تَعْطِيلِ يَوْمَيِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، وَرَدٌّ عَلَى مَا ابْتُدِعَ فِيهِ مِنَ الْوَظَائِفِ مَا يَدْعُو إِلَى الِانْقِطَاعِ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْحَكِيمُ، وَلَا الْهَدْيُ النَّبَوِيُّ، مِنْ خَبَرٍ قَوِيمٍ، فَهُوَ تَشْرِيعٌ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ. وَإِذَا رَفَعَ اللَّهُ بِفَضْلِهِ عَنَّا الْإِصْرَ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، فَمَا بَالُنَا نَسْتَجُرُّهَا إِلَيْنَا بِالْأَسْبَابِ الضَّعِيفَةِ؟ فَاللَّهُمَّ غُفْرًا.
[ ص: 5805 ] الْخَامِسُ: قَالَ فِي "الْإِكْلِيلِ": فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا nindex.php?page=treesubj&link=948_926_928مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ، وَالْقِيَامِ فِيهَا، وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَسَمَاعِهِمُ الْخُطْبَةَ، وَتَحْرِيمِ الِانْفِضَاضِ. انْتَهَى.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَتْ عِيرٌ مَرَّةً الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَخَرَجَ النَّاسُ، وَبَقِيَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا; فَنَزَلَتْ: nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا الْآيَةَ...
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ: كَانَ الْجَوَارِي إِذَا نَكَحُوا يَمُرُّونَ بِالْكَبَرِ وَالْمَزَامِيرِ، وَيَتْرُكُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيَنْفَضُّونَ إِلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا الْآيَةَ...
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : اللَّهْوُ الطَّبْلُ.