القول في تأويل قوله تعالى:
[ 6 - 11 ]
nindex.php?page=treesubj&link=29261_29263_30614_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك يتيما فآوى nindex.php?page=treesubj&link=19881_30614_31034_34163_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى nindex.php?page=treesubj&link=30614_31106_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى nindex.php?page=treesubj&link=33306_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=treesubj&link=23465_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر nindex.php?page=treesubj&link=33147_34513_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك يتيما فآوى قال
أبو السعود: تعديد لما أفاض عليه من أول أمره إلى ذلك الوقت من فنون النعماء العظام، ليستشهد بالحاضر الموجود على المترقب الموعود فيطمئن قلبه وينشرح صدره. والهمزة لإنكار النفي وتقرير المنفي على أبلغ وجه، كأنه قيل: قد وجدك إلخ. والوجود بمعنى العلم.
روي
« أن أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر، وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته » وذلك إيواؤه،
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى أي: غافلا عما أوحاه إليك من الهدى والفرقان، فهداك إليه وجعلك إماما له، كما في آية،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان
قال
الشهاب: فالضلال مستعار من: (ضل في طريقه)، إذا سلك طريقا غير موصلة لمقصده لعدم ما يوصله للعلوم النافعة، من طريق الاكتساب.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا أي: فقيرا
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8فأغنى أي: فأغناك بمال
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة الذي وهبته إياه. أو بما حصل لك من ربح التجارة.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما [ ص: 6185 ] اليتيم فلا تقهر فلا تغلبه على ماله فتذهب بحقه، استعطافا منك له.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : أي: وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته، أي: لأن للسائل حقا، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24والذين في أموالهم حق معلوم nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25للسائل والمحروم
وقد ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن -فيما نقله
الرازي- إلى أن المراد من السائل من يسأل العلم، فيكون في مقابلة قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى وهكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : أي: وكما كنت ضالا فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد. قال
الإمام: ويؤيد هذا المعنى ما ورد في أحوال الذين كانوا يسألونه عليه الصلاة والسلام بيان ما يشتبه عليهم، فمنهم أهل الكتاب الممارون، ومنهم الأعراب الجفاة. ومنهم من كان يسأل عما لا يسأل عنه الأنبياء، فلا غرو أن يأمره الله بالرفق بهم، وينهاه عن نهرهم، كما عاتبه على التولي عن الأعمى السائل، في سورة عبس. انتهى.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث أي: بشكرها وإظهار آثارها فيرغب فيما لديه منها، ويحرص على أن تصدر المحاويج عنها. وهذا هو سر الأمر بالتحدث بها. وفي الآية تنبيه على أدب عظيم وهو التصدي للتحدث بالنعمة وإشهارها، حرصا على التفضل والجود والتخلق بالكرم، وفرارا من
nindex.php?page=treesubj&link=18897رذيلة الشح الذي رائده كتم النعمة والتمسكن والشكوى.
قال
الإمام: من عادة البخلاء أن يكتموا مالهم، لتقوم لهم الحجة في قبض أيديهم عن البذل، فلا تجدهم إلا شاكين من القل. أما الكرماء فلا يزالون يظهرون بالبذل ما آتاهم الله من فضله ويجهرون بالحمد لما أفاض عليهم من رزقه. فلهذا صح أن يجعل التحديث بالنعمة كناية عن البذل وإطعام الفقراء وإعانة المحتاجين. فهذا من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث أي: إنك
[ ص: 6186 ] لما عرفت بنفسك ما يكون فيه الفقير، فأوسع في البذل على الفقراء. وليس القصد هو مجرد ذكر الثروة، فإن هذا من الفجفجة التي يتنزه عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف عنه في امتثال هذا الأمر أنه كان يذكر ما عنده من نقود وعروض، ولكن الذي عرف منه
أنه كان « ينفق ما عنده ويبيت طاويا » وقد يقال أن المراد من النعمة النبوة، ولكن سياق الآيات يدل على أن هذه الآية مقابلة لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فتكون النعمة بمعنى الغنى، ولو كانت بمعنى النبوة، لكانت مقابلة لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا وقد علمت الحق في مقابله. والله أعلم.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 6 - 11 ]
nindex.php?page=treesubj&link=29261_29263_30614_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى nindex.php?page=treesubj&link=19881_30614_31034_34163_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى nindex.php?page=treesubj&link=30614_31106_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى nindex.php?page=treesubj&link=33306_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ nindex.php?page=treesubj&link=23465_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ nindex.php?page=treesubj&link=33147_34513_29064nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى قَالَ
أَبُو السُّعُودِ: تَعْدِيدٌ لِمَا أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ فُنُونِ النَّعْمَاءِ الْعِظَامِ، لِيَسْتَشْهِدَ بِالْحَاضِرِ الْمَوْجُودِ عَلَى الْمُتَرَقِّبِ الْمَوْعُودِ فَيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ وَيَنْشَرِحَ صَدْرُهُ. وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ النَّفْيِ وَتَقْرِيرِ الْمَنْفِيِّ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: قَدْ وَجَدَكَ إِلَخْ. وَالْوُجُودُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ.
رُوِيَ
« أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ جَنِينٌ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَمَاتَتْ أُمُّهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَعَطَّفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُ » وَذَلِكَ إِيوَاؤُهُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى أَيْ: غَافِلًا عَمَّا أَوْحَاهُ إِلَيْكَ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، فَهَدَاكَ إِلَيْهِ وَجَعَلَكَ إِمَامًا لَهُ، كَمَا فِي آيَةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ
قَالَ
الشِّهَابُ: فَالضَّلَالُ مُسْتَعَارٌ مِنْ: (ضَلَّ فِي طَرِيقِهِ)، إِذَا سَلَكَ طَرِيقًا غَيْرَ مُوَصِّلَةٍ لِمَقْصِدِهِ لِعَدَمِ مَا يُوَصِّلُهُ لِلْعُلُومِ النَّافِعَةِ، مِنْ طَرِيقِ الِاكْتِسَابِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلا أَيْ: فَقِيرًا
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8فَأَغْنَى أَيْ: فَأَغْنَاكَ بِمَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ الَّذِي وَهَبَتْهُ إِيَّاهُ. أَوْ بِمَا حَصَلَ لَكَ مِنْ رِبْحِ التِّجَارَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا [ ص: 6185 ] الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ فَلَا تَغْلِبْهُ عَلَى مَالِهِ فَتَذْهَبَ بِحَقِّهِ، اسْتِعْطَافًا مِنْكَ لَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : أَيْ: وَأَمَّا مَنْ سَأَلَكَ مِنْ ذِي حَاجَةٍ فَلَا تَنْهَرْهُ، وَلَكِنْ أَطْعِمْهُ وَاقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ، أَيْ: لِأَنَّ لِلسَّائِلِ حَقًّا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
وَقَدْ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ -فِيمَا نَقَلَهُ
الرَّازِيُّ- إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ السَّائِلِ مَنْ يَسْأَلُ الْعِلْمَ، فَيَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى وَهَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : أَيْ: وَكَمَا كُنْتَ ضَالًّا فَهَدَاكَ اللَّهُ، فَلَا تَنْهَرِ السَّائِلَ فِي الْعِلْمِ الْمُسْتَرْشِدِ. قَالَ
الْإِمَامُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مَا وَرَدَ فِي أَحْوَالِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَيَانَ مَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ، فَمِنْهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُمَارُونَ، وَمِنْهُمُ الْأَعْرَابُ الْجُفَاةُ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَسْأَلُ عَمَّا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْأَنْبِيَاءُ، فَلَا غَرْوَ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ بِالرِّفْقِ بِهِمْ، وَيَنْهَاهُ عَنْ نَهْرِهِمْ، كَمَا عَاتَبَهُ عَلَى التَّوَلِّي عَنِ الْأَعْمَى السَّائِلِ، فِي سُورَةِ عَبَسَ. انْتَهَى.
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أَيْ: بِشُكْرِهَا وَإِظْهَارِ آثَارِهَا فَيَرْغَبُ فِيمَا لَدَيْهِ مِنْهَا، وَيَحْرِصُ عَلَى أَنْ تَصْدُرَ الْمَحَاوِيجُ عَنْهَا. وَهَذَا هُوَ سِرُّ الْأَمْرِ بِالتَّحَدُّثِ بِهَا. وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَدَبٍ عَظِيمٍ وَهُوَ التَّصَدِّي لِلتَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ وَإِشْهَارِهَا، حِرْصًا عَلَى التَّفَضُّلِ وَالْجُودِ وَالتَّخَلُّقِ بِالْكَرَمِ، وَفِرَارًا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18897رَذِيلَةِ الشُّحِّ الَّذِي رَائِدُهُ كَتْمُ النِّعْمَةِ وَالْتَمَسْكُنُ وَالشَّكْوَى.
قَالَ
الْإِمَامُ: مِنْ عَادَةِ الْبُخَلَاءِ أَنْ يَكْتُمُوا مَالَهُمْ، لِتَقُومَ لَهُمُ الْحُجَّةُ فِي قَبْضِ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْبَذْلِ، فَلَا تَجِدُهُمْ إِلَّا شَاكِينَ مِنَ الْقِلِّ. أَمَّا الْكُرَمَاءُ فَلَا يَزَالُونَ يُظْهِرُونَ بِالْبَذْلِ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَجْهَرُونَ بِالْحَمْدِ لِمَا أَفَاضَ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ. فَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يُجْعَلَ التَّحْدِيثُ بِالنِّعْمَةِ كِنَايَةً عَنِ الْبَذْلِ وَإِطْعَامِ الْفُقَرَاءِ وَإِعَانَةِ الْمُحْتَاجِينَ. فَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أَيْ: إِنَّكَ
[ ص: 6186 ] لَمَّا عَرَفْتَ بِنَفْسِكَ مَا يَكُونُ فِيهِ الْفَقِيرُ، فَأَوْسِعْ فِي الْبَذْلِ عَلَى الْفُقَرَاءِ. وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُوَ مُجَرَّدَ ذِكْرِ الثَّرْوَةِ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْفَجْفَجَةِ الَّتِي يَتَنَزَّهُ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ فِي امْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ مَا عِنْدَهُ مِنْ نُقُودٍ وَعُرُوضٍ، وَلَكِنَّ الَّذِي عُرِفَ مِنْهُ
أَنَّهُ كَانَ « يُنْفِقُ مَا عِنْدَهُ وَيَبِيتُ طَاوِيًا » وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ النِّعْمَةِ النُّبُوَّةُ، وَلَكِنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُقَابِلَةٌ لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلا فَتَكُونُ النِّعْمَةُ بِمَعْنَى الْغِنَى، وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى النُّبُوَّةِ، لَكَانَتْ مُقَابِلَةً لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالا وَقَدْ عَلِمْتَ الْحَقَّ فِي مُقَابِلِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.